ربما كان عنوان المقال صادما ومؤلما في الوقت نفسه وربما يبعث علي الحزن والاسي لما وصلت اليه احوال جامعاتنا المصرية خلال العقود الاخيرة من تراجع بالمقارنة بالجامعات الاخري في الغرب وبعض الدول العربية ومنها جامعات يهودية في تل ابيب !
ربما هناك عوامل كثيرة مجتمعة هي التي ادت الي تراجع احوال الجامعات في مصر وبعض الدول العربية وتزيلها قائمة افضل الجامعات العالمية في التقييمات المختلفة، الا ان ابرز العوامل التي جعلت هناك عثرات في طريق تقدمنا الجامعي هي رسائل الماجستير والدكتوراه التي تناقش بصورة يومية بشكل متعجل وبسرعة الصاروخ وتجد التهاني والتبريكات عبر منصات التواصل الاجتماعي مزينة بالصور والافراح وليالي الملاح! وهذه السرعة في مناقشات الرسائل دون فحص وتمحيص وتدقيق من قبل المشرفين او المناقشين علي هذه الرسائل خاصة في حقل العلوم الانسانية، ادي الي حالة الاستسهال والعشوائية في منح الدرجات العلمية لمل من هب ودب !
وهناك نماذج اعرفها تناقش ٥ رسائل جامعية او اكثر في الاسبوع الواحد في محافظات مختلفة وربما في دول مختلفة ! فمن اين يأتي بالوقت لقراءة هذه الاطروحات ،والتي شابها عدم الدقة المنهجية والاصالة العلمية المطلوب والمفتقدة في معظم هذه الرسائل بل افتقدت القدرة علي الابداع المنتظر من الباحثين ! وتكون النتيجة دوما سالبة وسرعة في انجاز رسائل يكون بعضها عبارة عن قص ولصق من رسائل اخري عربية واجنبية ،فضلا عن اقتباس صفحات كاملة وليس عبارات محددة وربما قص ولصق فصول لكي تضاف الي الرسالة المقدمة الي الجامعات والتي بدورها تمضي بلا توقف في منح الدرجات العلمية وقق اليه بيروقراطية عفنة ومملة وسمجة ،ونالها منذ القدم العطب والفساد والمحسوبية والمجاملات ،شأنها في ذلك شأن مؤسسات اخري في مجتمعاتنا العربية !
وهو ما جعل هناك العديد ممن هم يحملون درجات علمية مثل استاذ مساعد او استاذ لا يرقي ما لديهم من امكانية التفكير العلمي والعمق المعرفي والانضباط المنهجي اللازم توافره فيهم ،فضلا عن الضبط الاخلاقي والسلوكي !
هذا فضلا عن تعيين ابناء الاساتذة بالجامعات وتيسير حصولهم علي درجات علمية متقدمة بسهولة ،ربما لا يستحقوها بأي حال من الاحوال ،ثم اعطائهم مناصب جامعية تزيد من تدهور حال الجامعة نتيجة طغيان الفساد والمحسوبية بها !
ومن ثم فلا طائل من وراء انتظار خريج جامعي حاصل علي الماجستير والدكتوراه يكون بحق باحث جاد يرتقي بوظيفة البحث العلمي والتي من ابرزها جمع المتفرق وابداع الجديد ومواصلة تحقيق نتائج جديدة استنادا علي ابحاث سابقة ،وتعيين المبهم وتجلية الغامض وتبين الخاطيء ونقد السائد ...الخ
ويضاف الي ذلك انتشار مكاتب اعداد رسائل الدمتوراه والماجستير تحت اعين وبصر العاملين في التعليم العالي من اساتذة جامعيين وموظفين بالرقابة والمتابعة ، وهناك اساتذة كبار يفتحون مكاتب خاصة لاعداد الرسائل للجامعية للطلاب المصريين والعرب في وضح النهار ثم يناقشونها في الليل ! وهم انفسهم ابناء هذا المسار المعوج الذي تسير عليه منظومة الرسائل الجامعية في بلادنا!
اعتقد ان مثل هذه الرسائل بمثابة عثرات في طريق العلم وبناء التفكير المنضبط والعلمي للمواطنين في بلادنا وهي ايضا مثل البناء الغير أدمي وغير صالح للسكن الانساني والاقامة فيه ،بل اصبح مثل النبات الاصفر والذي لا يرجي منه اي ثمر في كل الاحوال !!