أمي الحبيبة لقد مر عام على رحيلك المؤلم ... لا أريد أن أعبر لك بالطريقة التقليدية، وأقول لك المكان والزمان والفقد والوجع والآهات وكلمات منسقة ومنمقة من هنا وهناك، بل أريد أن اتحدث معك وأخبرك عن أمور قد ترغبين بمعرفتها ، فأنت الآن حاضرة معي وسنتحدث معأً ولو قليلاً ..
أعلم بأنك راقدة بهدوء وسكينة ، وأعلمي بأن ضربات الحياة تعصف بنا كالسكينة ، وترينا أسوء ما فيها ، وتكدرت خواطرنا ، ومرضت أرواحنا ، وأن خيبات الأمل التي نعيشها أشد من الفقد ،
أمي الحبيبة ... لقد غادرت الحياة بطريقة لائقة ، واعلمي بأن الناس تغادر حالياً بدون وداع ، وأن فايروس كورونا اللعين قد حصد العديد من الآحبة والأقارب والأصدقاء . وما زلنا نعيش حالة رمن الرعب والفزع حتى لا يحصد المزيد ، لا أريد ذكر من رحلوا بعدك لأنك ربما قد تلاقت أرواحكم معأ بحكم صلة القرابة ( هذا ما أخبرونا به أهل العلم والمعرفة) ، وربما لا تتوقعين وتحزني جداً على اشخاص قد رحلوا من بعدك قبل أوانهم.
أمي الحبيبة .. لم تعد الأفراح شيئاً مبهجاً ،رغم شحها ، وفي كل يوم نستيقظ به ويدنا على قلوبنا ، وقلوبنا معلقة بشعرة كما كنت ترددين دوماً هذه العبارة خوفاً من سماع أي أخبار مزعجة . نحاول دوماً أن نبحث عن أخبار مفرحة وبصيص من الأمل ـ بلا جدوى .
اعذريني يا أمي لم استطع زيارة قبرك ، لآني ما زلت لم اصدق بأن الموت هزم هذا العنفوان والكبرياء ..
أمي الحبيبة : لسنا على ما يرام ، وتأكدي بأنك ارتقيت إلى الأعلى بالوقت المناسب وبطريقة هادئة طبيعية ..
أمي الحبيبة : مشاعرنا متفاوتة ولكل منا طريقته الخاصة في الحزن والشعور بالفقد ، البعض منا من تجرأ المرور بجانب بيتك ومنا ما زال غير قادر على هذه الخطوة ... ملابسك قد وزعت واغراضك وأثاث بيتك تناثرت هنا وهناك ، وهذه سنة الحياة والأمر طبيعي ، وان كان مؤلم ولا يقل عن ألم الفقد.
احتفظت بعطورك وقطعة من ملابسك .
أمي في كل يوم نحمد الله على رحيلك الهادىء بدون ألم ... وحملوك الأحفاد على أكتافهم وتولوا إراحتك في قبرك حسب وصيتك .
أمي الحبيبة : لقد تصدقنا بصدقة جارية عن روحك الطاهرة حسب طلبك ووصيتك ورغبتك أرجو أن تكون قد وصلتك ، وإذا أردت أي شيء آخر ارجوك أن تأتينا بالمنام ... فقد اشتقنا لك ، حتى الأحلام سرقت منا .
أمي الحبية ـ هل تذكرين قبل سنوات قليلة عندما تم تغيير ( حنفية ) بيتك بسبب تلفها ، وقيل لك بأن الجديدة مكفولة (5) سنوات ، حينها زعلت وقلت بس فقط 5 ، إعلمي بأن الحنفية ما زالت تعمل بفاعلية وأنت رحلت... ما أجمل حبك للحياة ؟، وما أجمل تفاؤلك ؟ كنت واثقة بأن الموت بعيداً عنك، وهذا سر قوتك ، لكن الموت خذلك.
أمي بعد رحيلك لم تعد الدنيا كما كانت ، ولم تعد العلاقات حميمية ، ومشاعر الناس تغيرت وتبدلت...والقابل مجهول وغير مبشر بالخير ، لكن نسأل الله أن يرحمنا برحمته الواسعه ويلطف بنا بعد انقطاع دعائك ، وبإذن الله سنظل الأقوياء والأقرب إلى الله وسننهض من عز الألم .
أمي، فقيدتي النائمة في تلك المقابر غفر الله لكِ وأسكنك فسيح جناته، وصبر جميل وبالله المستعان. وإنا لله وانا إليه راجعون .