حين كانت القرى يوماً ما ظمأى تبحث عن الماء والكلأ ، كان العسل يباع هنا بالصاع .
" لها الذرى شامخات كالنجوم وقد ساقت لها الريح اثواباً من الديمِ
غاباتها وهبت للروح راحتها واودعتها شذى يسري مع النّسمِ
كم عاج في ظلها من عابد ورع وقام في دوحها من راكع هرمِ ".
على سحابة القرنين السابع والثامن عشر كانت سيدة الجبل ومركزه ، وكانت حدودها القديمة تمتد من مثلث علي مشهد حتى الجنيدية غرب الشريعة ومن وادي الصرار الى البلاونة ومن فاره الى وادي كفرنجة ، وفي عصرنا الحاضر انحسرت حدودها مابين علي مشهد والصليخات ومن فاره الى وادي كفرنجة ، وكان شيخها حمد الخطابي الفارس الذي قهر المد المشلخي عن الشفا و امير تأمين الحجيج من فلسطين الى تبوك .
الوهادنة غارقة في التاريخ وعمرها ينوف على الخمسة الآف سنة وقبور الدولمان والانصاب والكهوف والعروق والفسيفساء شهود تاريخها ، ومعاصر الزيتون والعنب والقصب شهود عطائها وازدهارها .
مر عليها رحالة كثر لكن مرل له بصمة جمالية فاحصة وماحصة ومدونة ، فحواها " لو اتيح لي بناء بيت صغير في هذه المنطقة لحسدني عليه العالم " وقال ايضا " ان سكان الوهادنة اشتهروا بتربية النحل وكان العسل لكثرته يباع بالصاع " .
" وانظر في البلاد وما يليها افتش في الخرائط اجتليها
اكور ارض دنيايا فأسبى ببعض جمالها أسراً وتيها " .
صحوة التعليم في الوهادنة كانت مبكرة جدا تعود لعام ١٩٢٦ ، كانت اول غرفة صفية في المسجد وفي بيت المختار ثم تبرع الاهالي لبناء مدرسة كان معلم طوبارها من كفر عوان .. ويسجل للوهادنة انتخابهم اول سيدة لرئاسة المجلس البلدي .
خربة الوهادنة بلدة السبع كهنة كلهم من اللاتين ، وبلدة الاشجار المباركة " ام الشرايط ، ابو عبيدة ، القباه او البطمة ، هجيجة " ، وبلدة الاولياء والمقامات " علي مشهد ، الشيخ راشد ، الجعفري ، ابو فرج " .
على مدخلها ينتصب علي مشهد كمنارة مباركة " لي بالحمى قوم عرفت بصبهم ، هم عند قلبي وقلبي عندهم ، واذا بثثت الوجد بثوا وجدهم ، ومعي اراهم لا افارق قصدهم " ، وعلى محرابها يشمخ مقام الصحابي الجليل عكرمة بن عمرو بن هشام ، الراكب المهاجر ، قائد كتيبة الموت في اليرموك ، وكأني به يطل من مشرافه على القدس يسأل عن فرسه وترسه وسيفه قائلا " القدس لنا ولا قدس لكم وان طال السفر " .
في خربة الوهادنة انت اسير التاريخ والجغرافيا وسحر الطبيعة ولا حدود لافق الجمال ترتوي من عليل جبل الشيخ والجليل وبحر عكا وما بعد بعد الخليل .
" عجلون دار العُلى والعز والكرم ومنزل المجد والعلياء والشممِ
في بلدة قد حباها الله منزلة في قمة حرة تاهت على القممِ ".