الإنجاز ذروة سنام العمل وثمرته؛ فلينصرف الجميع للعمل والإنتاج والإنجاز، وثقافة الإنجاز تصبّ في بوتقة المواطنة الصالحة، والمواطنة الصالحة كالطائر فهو لا يطير سوى بجناحين، وجناحا المواطنة هما الحقوق من جهة والواجبات والآداب من جهة أخرى، وذروة سنام المواطنة الصالحة الإنتماء للوطن الذي يقتضي أن تتواءم الحقوق والواجبات على اﻷقل:
1. المواطنة الحقيقية تقتضي بأن لا يكون هنالك تمييز بين الناس سوى بالإنجاز وما يقدّمونه للوطن، فلا فرق بين أردني وآخر سوى بمقدار عطاءه ووقوفه في خندق الوطن.
2. ثقافة الإنجاز بالمقابل متطلباتها الإستحقاق بجدارة وحُسن الإختيار ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب، ولذلك فلا فضل لأحد على أحد بالمواطنة سوى بما يقدمه لوطنه أنّى كان ذلك الإنجاز الذي يساهم في تقدّم الوطن لا أن يكون حمولة زائدة عليه أو محور تخريب أو هدم أو تراجع.
3. البعض ينظر للوطن كبقرة حلوب يغذّي بها حاجاته دون الإلتفات لواجباته، فهذا أناني ومصلحجي فمطلوب نبذه، والبعض ينظر للوطن كحقيبة مسافر، يتلذذ بنعمه وقت الرخاء ويلملم حاجاته منه وقت الشدة ويهم بالسفر ولا يهمه سوى حاجاته وأمواله، فهذا ينظر للوطن كمحطة فمطلوب إزدراؤه، والبعض ينظر للوطن كسمفونية أو ربابة يعزف عليها وقت يشاء، فهذا قناص فرص ومنافق ومطلوب 'كبُّه وطرّه'، والبعض يتأرجح بين حلب الوطن ومصّ دمه من جهة وبين مغادرته وفق مصالحه من جهة أخرى، فهذا متذبذب ومطلوب هجره، والبعض ينظر للوطن كأم رؤوم ويعشق ترابه ويدافع عنه بالمهج واﻷرواح، ويرى أنه خُلق ورزق منه ولا ينتظر العطايا أو المنح، فيبقى يخدمه ويبقى على أرضه أنّى كان، فهذا منتمي للوطن فحيووه وحبوه ورقّوه.
4. الوطن بحاحة للوقوف لجانبه هذه اﻷيام أكثر مما مضى دون مِنّة، فالوطن اﻷرض والعرض والشرف والكرامة وأكثر، وحماية منجزاته الحضارية وإنجازاته والبناء عليها وعدم اﻹساءة إليه بتصرفاتنا واجب الجميع من منطلق المواطنة اﻹيجابية والفاعلة.
5. إذا كانت علاقة المواطن مع وطنه محكومة بالمواطنة فنحن نتجه صوب الدولة المدنية العصرية، وعكس ذلك فنحن نتحدث بلغة المصالح.
6. المواطن الصالح يواءم بين حقوقه وواجباته على مبدأ المواطنة بحيث لا تطغى حقوقه على واجباته، ولا ينظر للوطن "كبقرة حلوب" بل يساهم في بناءه، ويقف مع الوطن وقت الشدة والرخاء على السواء.
7. المواطن الصالح يفعل لوطنه أكثر مما يقول ولا ينتظر الجزاء، ويشعر بإنتماءه على أرض صلبة دون مزايدات ويعتز بوطنه وتاريخه وحضارته، ويحترم الدستور ويطبّق القانون.
8. المواطن الصالح متسامح فكرياً ومعتدل سلوكياً، وواعي بنظامة السياسي والإقتصادي والإجتماعي، ويُتقن المنهج العلمي ويواكب التطور التكنولوجي، ويؤمن بالإيجابية والعمل الجماعي والغيرية -حب الغير- ويبتعد عن السلبية والأنانية والأنمالية -وأنا مالي-.
9. المواطن الصالح يتحلّى بالقيم الأصيلة والفاضلة ويواءم بين الأصالة والمعاصرة، ويحترم النظام ويتقيّد بالقانون وتطبيقاته، ولا يسيء لغيره باللفظ أو العنف الفيزيائي، ولا يستغل منصبه ويخدم الناس، والدين عنده المعاملة دون شوفية أو رياء.
10. المواطن الصالح يبتعد عن المحسوبية والشللية والواسطة واﻹصطفافات والفساد، ويثق بالدولة والقيادة والمؤسسات المدنية والعسكرية واﻷمنية ولا يشكك بقراراتهم، ويقف مع قضايا أمته ووطنه ومواطنيه ويدافع عن هويته وموروثه الحضاري.
11. المواطن الصالح يكون عنصر خير لا شر لوطنه، ويعكس الصورة الناصعة عن الوطن، والقائمة تطول!
بصراحة: السؤال المهم: أين نحن من ثقافة الإنجاز وأمانة المسؤولية والمواطنة الصالحة كي نكون أحسن الناس في هذا الزمان الذي بتنا فيه لا نميز الغث من السمين واختلط فيها الحابل بالنابل؟ فالإنجاز عطاء وواجب ويصبّان في بوتقة مواطنتنا التي نحتاج أن نُظهرها على أرض الواقع لنكون عند حُسن ظن قيادتنا الهاشمية بِنَا!