في كلمته التي ألقاها المؤرخ عمر العرموطي أثناء الإحتفال الذي أقامته اليوم الثلاثاء اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين برئاسة العميد الركن المتقاعد أحمد عبد الكريم الرقاد في غرفة صناعة عمان برعاية عطوفة رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية أشار العرموطي إلى موقف تاريخي مشرف للقوات المسلحة الأردنية في حرب حزيران عام 1967م حيث قال المؤرخ العرموطي:-
كلمة/ المؤرخ عمر العرموطي
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسّلام على سيد المرسلين
-عطوفة مندوب عطوفة رئيس هيئة الأركان المشتركة اللواء الركن الطيار يوسف أحمد الحنيطي.
-معالي الباشا يوسف الدلابيح.
-عطوفة رئيس غرفة صناعة عمان ورئيس غرفة صناعة الأردن المهندس فتحي الجغبير.
-عطوفة العميد الركن المتقاعد أحمد عبد الكريم الرقاد/ رئيس اللجنة الوطنية للمتقاعدين العسكريين.
... أيتها الأخوات... أيها الإخوة الكرام...
قال تعالى:
"وإذ قال إبراهيم رَبِّ اجعل هذا بلداً آمناً وارزق أهله من الثمرات"
صدق الله العظيم
... إحتفلت المملكة الأردنية الهاشمية خلال العام الحالي بذكرى عظيمة وهامة ولها معاني كبيرة... وهي ذكرى مرور مائة عام على تأسيس الدولة الأردنية الهاشمية منذ أن وصل إلى عمان برضى وترحاب الأردنيين الجد المؤسس شهيد الأقصى المغفور له جلالة الملك عبد الله الأول ابن الحسين فاتخذها عاصمة لمُلكه الرشيد الذي نما وازدهر بأبنائه الغُرّ الميامين.
... إن أسباب الفخر كثيرة ونحن نحتفل بالمئوية وأهمها التأكيد على أن النظام الهاشمي الذي أعلى مداميك هذه الدولة بناءً أسطورياً في إقامة مؤسساتها، وبخاصة جيشها العربي وأجهزتها الأمنية التي تضاهي إن لم تتفوق على مؤسسات الدول المتقدمة... إضافةً إلى نعمة الأمن والأمان والإستقرار علماً بأننا نعيش وسط إقليم هائج مُثقل بالإنقسامات الفئوية والطائفية... وبالحروب والإنقلابات والحروب الأهلية.
... بالمئوية الأولى أصبح للأردن بقيادته الهاشمية مكانة عظيمة في جميع أنحاء العالم وسيدخل إلى المئوية الثانية بثقة وقوة وإرادة صلبة فجلالة الملك بحكمته وفكره الثاقب وطموحاته الكبيرة سيحقق أحلام الأردنيين بالتقدم والرفاه واللحاق بركب المدنية والبناء على الإنجازات التي أستطعنا إنجازها خلال المئوية الأولى.
من محطة عمَّان بدأت الدولة الأردنية الحديثة... ومن ماركا بدأ الإستقلال
... قبل مئة سنة وصل الملك المؤسس وشهيد الأقصى المغفور له الملك عبد الله الأول ابن الحسين إلى محطة عمَّان بالقطار قادماً من مدينة معان عبر سكة حديد الحجاز...
... فمن محطة عمَّان بدأت الدولة الأردنية الحديثة... بقيادة ملوك آل هاشم الأبرار... إبتداءاً بالملك المؤسِّس عبد الله الأول ابن الحسين... ثم الملك طلال بن عبد الله... ثم الملك الحسين بن طلال.. والآن الملك المُعزِّز جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين... أطال الله في عمره...
... وقد تمَّ قُدوم الملك المُؤسِّس إلى عمَّان بناءً على طلب من العشائر الأردنية وأهالي عمَّان...
... وبمناسبة وُصُول الملك المؤسس إلى عمَّان أقام رئيس بلدية عمَّان (المرحوم سعيد باشا خير) حفلاً حاشداً في عمَّان تضمَّن كلمات ترحيب بالملك من عدد من الرُموز الوطنية...
... في المحطة بدأ التاريخ الأردني الحديث...
... وبالقُرب من المحطة خيَّم الأمير عبد الله (الملك فيما بعد) مع رجاله في المنطقة السهلية التابعة لواجهة عشائر الدعجة... وقد استقبله أهالي عمَّان والعشائر المُحيطة بعمَّان إستقبالاً حافلاً...
... وبدأ شيوخ القبائل يفدون للسلام على الملك الهاشمي...
وكما قال لي المرحوم العقيد الشيخ عودة عوَّيد السرحان عن الإحتفال بإعلان استقلال المملكة الأردنية الهاشمية (في منطقة ماركا) بتاريخ 25/5/1946م والذي رعاه الملك المؤسِّس الشهيد عبد الله الأول ابن الحُسين:
بأنه جرى الإحتفال بمراسم التتويج في منطقة ماركا عند (المطار العسكري)...
... وبتاريخ 25/5/1946م بدأ الإستعراض العسكري لوحدات من الجيش العربي...
... وكان سمو الأمير عبد الله على المنصّة الملكية... وكان يقف بجانبه كبار القادة العسكريين...
... وقد بلغ عدد القوات التي اشتركت بالإستعراض (6000 عسكري) من مُختلف أسلحة الجيش العربي (دبابات ومُشاة ومدفعية وآليات وفُرسان)...
... وقد كان هذا العرض العسكري مهيباً...
... وكان من بين الحُضور وُفود من خارج الأردن والسُفراء الموجودون في الأردن....
... وقد أُقيم إحتفال كبير في مُعسكر ماركا الذي أقيم عليه المطار العسكري حالياً (ضمن مراسم عسكرية).... ولأول مرَّة بتاريخ الأردن عُزفَ السلام الملكي الأردني... عاش المليك... عاش المليك... من كلمات الشاعر المرحوم عبد المنعم الرفاعي...
*** فمن ماركا بدأت مراسم الإعلان عن استقلال الأردن وبدأت مراسم تتويج الأمير عبد الله ابن الحسين ملكاً على الأردن...
... وأثناء حرب فلسطين عام 1948م دخل الجيش الأردني إلى فلسطين للدفاع عنها، وكان الملك المؤسس عبد الله الأول ابن الحسين (طيب الله ثراه) هو القائد العام لجيشنا الباسل.
... وقد صدر قرار من جامعة الدول العربية بتعيين الملك عبد الله الأول قائداً عاماً للجيوش العربية التي اشتركت بالحرب العربية اليهودية آنذاك، وقد كانت حرباً غير متكافئة فكان اليهود أكثر عدداً وعدَّة.
... لكن الجيش الأردني قام بدور تاريخي مشرف في حرب عام 1948م فقد حمى القدس الشريف والضفة الغربية لنهر الأردن من السقوط بيد اليهود ومن أشهر المعارك التي خاضها جيشنا الباسل وانتصر فيها كانت معركة باب الواد بالقدس الشريف ومعركة كفار عصيون بالخليل.
تعريب قيادة الجيش الأردني
... عام 1956م جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه الملك الهاشمي الشجاع أصدر قراراً بطولياً شُجاعاً فاجأ المنطقة كلها... فأصدر أوامره بتعريب قيادة الجيش الأردني وذلك بتنحية قائد الجيش كلوب باشا – وهو إنجليزي –...
... وأصدر الحسين طيب الله ثراه قراراً بتعيين أول رئيس أركان أردني للجيش العربي وهو اللواء راضي باشا عنّاب.. وتم إنهاء خدمات الضباط الإنجليز الذين يعملون بالجيش العربي كما تم إنهاء العمل بالمعاهدة الأردنية البريطانية..
... ويقول معالي الدكتور سمير مطاوع/ وزير الإعلام الأسبق بأن إذاعة عمان قد تأسست حديثاً عام 1956م بجبل الحسين وكان مدير الإذاعة (آنذاك) - سري عويضة – وكنت (آنذاك) أحد المذيعين بهذه الإذاعة... وذات يـوم كنت داخل الأستوديو(عام 1956م) أثناء العدوان الثلاثي على مصر -حرب السويس- فسمعنا ضجة كبيرة في الخارج وحينما خرجنا كي نستطلع الأمر فإذا بنا نشاهد جلالة الملك الحسين بن طلال (طيب الله ثراه) وجهاً لوجه أمامنا وقد رحّب سري عويضة بجلالة الملك الحسين وقال: «أمرك يـا سيدي»..
... فقال جلالة الملك الحسين: «أخ سـري لقد سمعت الآن بأن إذاعة صوت العرب التي تبث برامجها من القاهرة قد تم قصفها بالطائرات الإسرائيلية وتوقفت عن البث؟... وأنا لن أسمح لأحـد بأن يُخرس (صوت العرب) والمقصود هنا الإشارة الرمزية.... لذلك إعتباراً من هذه اللحظة تصبح إذاعتنا الأردنية هي إذاعة صوت العرب من القاهرة إلى أن تعود الإذاعة الأصلية للبث... أخ سري إتخذ إجراءاتك لتنفيذ هذا الأمر...» (عِلماً بأن إذاعة صـوت العرب-آنذاك-كانت تشتمنا ليل نهار).
... فقال سري عويضة لجلالة الملك: «أمرك سيدي سنبدأ بالتنفيذ فوراً»...
... وقد التفـت سـري عويضـة نحو سمير مطاوع وقال: «أدخل إلى الستوديو سوف نُنهي البث على موجتنا العادية وستبدأ ببث الأغاني والأناشيد الحماسية التي كانت تذيعها الإذاعات المصرية مثل: (الله أكبر فـوق كيد المعتدي)... و(راجعين راجعين بقوة السلاح)...(يا أهلاً بالمعارك)...
... وعليك أن تُنادي باسم المحطة (صوت العرب من القاهرة)...وقد تم ذلك بقرار أردني دون التنسيق مع أحد....وكنا نقوم بتسجيل البيانات التي كانت تذيعها إذاعات القاهرة الأخرى.
... وحينما أخبرنا المصريون بأن العطب الذي ألحقته الطائرات الإسرائيلية المُغيرة قد تم إصلاحه توقفنا عن البث بعمَّان بنفس اللحظة التي انطلق فيها صوت المذيع المصري لينادي باسم إذاعة (صوت العرب من القاهرة).
... وفي عام 1967م بعد اتخاذ القرار الذي اتفق عليه جلالة الملك الحسين بن طلال (رحمه الله) والرئيس المصري جمال عبد الناصر (رحمه الله) من خلال اتفاقية الدفاع المتشرك بين الأردن ومصر والتي وقعها الجانبان عام 1967م، فقد تم الإتفاق على حماية سماء الأردن من قبل سلاح الجو المصري.
... وعلى أثر الوضع المتأزم في ذلك الوقت شنت القوات الإسرائيلية حربها على الأردن ومصر وسوريا.
... وفي صباح 5/6/1967م قامت قوات العدو الإسرائيلي بالهجوم بالغارات الجوية المتكررة على القوات الأردنية على جميع المحاور، وكانت سماء الأردن وجمهورية مصر خالية من الدفاع الجوي وذلك بعد تدمير الطائرات المقاتلة المصرية من قبل العدو... وكانت القوات الأردنية تقاتل بمعنويات عالية وشجاعة فائقة، ونظراً لأن الأردن قد حُرم من الغطاء الجوي والذي وعدت جمهورية مصر العربية بتوفيره لنا فقد تمت السيطرة من قبل سلاح الجو الإسرائيلي على القوات المتقدمة... وعند وصول هذه المعلومات إلى القيادة العامة صدرت الأوامر بانسحاب القوات الأردنية من الضفة الغربية انسحاباً كاملاً...
... ونقولها للتاريخ بأن الرادرا الأردني الذي كان يتمركز في منطقة عجلون أرسل رسائل تحذير إلى قيادة الجيش المصري في صبيحة يوم 5 حزيران عام 1967م، حيث كانت رسالة التحذير التي أرسلها الرادار الأردني في عجلون وحسب الإتفاق مع القيادة المصرية حسب الشيفرة السرية (العنب قادم إليكم) حيث أرسل الرادار الأردني في صبيحة يوم 5 حزيران عام 1967م تحذيراً واضحاً ورسالة مُستعجلة للجيش المصري بأن الطائرات الإسرائيلية قد أقلعت من مطاراتها وهي تطير باتجاه مصر (العنب قادم إليكم) لكن هذه التحذيرات لم تلق أذناً صاغية لدى الجانب المصري.
... لذلك فلو أن قيادة الجيش المصري استجابت للتحذير والرسالة التي أرسلها الرادار الأردني في عجلون (العنب قادم إليكم) في صبيحة الخامس من حزيران عام 1967م والتي تحذر الجيش المصري بأن الطائرات الإسرائيلية المقاتلة قد أقلعت باتجاه الأراضي المصرية لاستطعنا أن نتجنب كارثة وهزيمة الأمة العربية في حزيران عام 1967م.
معركة الكرامة عام 1968م
... لقد قلبت معركة الكرامة (أم المعارك) مفاهيم البطولة والحرب والوجود العربي فقد أوقدت الأمل في النفوس بعدما ذاقت الأمة مرارة حرب حزيران، وكان الجيش العربي وقائده الأعلى المغفور له الملك الحسين بن طلال قد استطاعوا وبتوفيق من الله بأن يمسحوا غُبار تلك الأيام.
... جاءت معركة الكرامة بعد مرور 9 أشهر على نكسة حزيران عام 1967م حيث استطاعت القوات المسلحة الأردنية إعادة تنظيمها والتصّدي للهجمات الإسرائيلية اليومية على الجبهة.
... لقد تكبد المعتدي فيها خسائر فادحة في الأرواح والمعدات فاقت ما خسره في المعارك السابقة مع الأمة العربية حيث ترك العدو قتلاه ودروعه ومجنزراته وآلياته في أرض المعركة بعد تساقط طائراته، وراح يجُر أذيال فشله في تقهقره وانسحابه بشكل غير منظم وفوضوي بعد أن رفضنا طلبه بوقف إطلاق النار.
... إندلع القتال في معركة الكرامة في صباح يوم 21/3/1968م بعد هزيمة الجيوش العربية في حرب حزيران عام 1967م فظّنت إسرائيل أنها تستطيع أن تتجاوز الحدود الأردنية وأن تحتل مرتفعات السَّلط وتوجيه ضربة قاصمة للقوات المسلحة الأردنية.. وفي صباح يوم المعركة جمع وزير الدفاع الإسرائيلي – آنذاك – "موشى دايان" الصحفيين وقال لهم سوف نشرب الشاي اليوم معاً في مدينة السلط الأردنية لكنها كانت هزيمة نكراء... فلأول مرة في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي تم هزيمة الجيش الإسرائيلي على أيدي نشامى وأبطال الجيش الأردني الباسل... وقد كانت إسرائيل تتبجح قبل معركة الكرامة بأن الجيش الإسرائيلي هو الجيش الذي لا يُقهَر.
... وفي صبيحة يوم المعركة ومع انطلاق الرصاصات الأولى وعندما علم القائد الشجاع الملك الحسين طيب الله ثراه بانطلاق الرصاصات الأولى للمعركة ذهب مُسرعاً إلى سيارته وجلس إلى جانبه سائقه الخاص المرحوم سليمان مرزوق الهباهبة وأمره بأن يتوجه فوراً إلى قيادة الفرقة الأولى في منطقة وادي شعيب بالقرب من مدينة السلط... وأثناء الطريق كانت الرماية كثيفة من العدو وكان سليمان مرزوق الهباهبة حريصاً على حياة جلالة الملك الحسين فتوسَّل إلى جلالة الملك وقال: يا جلالة الملك نحن حريصون على حياتك فأنت يا سيدي القائد الأعلى للقوات المسلحة وأنت يا جلالة الملك ستقود المعركة لذلك أرجوك يا سيدي أن تعود إلى عمَّان لأن هناك خطراً على حياة جلالتك.
... وهُنا صاح الحسين الهاشمي بأعلى صوته وقال: "يا سليمان المنيَّة ولا الدنيَّة.."...
فهؤلاء هُم الملوك الهاشميون الأبطال الشجعان الذين بنوا الأردن وضحَّوا بالغالي والنفيس وضحُّوا بأرواحهم في سبيل بناء ورفعة الوطن والذود والدفاع عنه..
في عام 1999م إنتقل إلى رحمة الله تعالى المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال الملك الباني... وقد حضر إلى العاصمة عمان معظم ملوك ورؤساء العالم للإشتراك بجنازة العصر التي لم يسبق لها مثيل بالتاريخ... وإن ذلك إن دلَّ على شيء فإنما يدل على المكانة العظيمة للراحل الكبير جلالة الملك الحسين وقد بكاه الأردنيون والأردنيات... رحم الله الحسين وأسكنه فسيح جناته.
... وفي عام 1999م تم تتويج جلالة الملك عبد الله الثاني ملكاً على الأردن فكان خير خلف لخير سلف.
... وإن من أهم الإنجازات في عهد جلالة الملك عبد الثاني رسالة عمان التي أطلقها من مسجد الهاشميين في تلاع العلي من عمان عام 2004م من أجل التعريف بالصورة الحقيقية المشرقة للإسلام، وتنقية هذه الصورة من الشوائب والاتهامات الباطلة التي ألصقها أعداء الإسلام بديننا الحنيف ومنها الغُلوْ والتطرف والإرهاب.
..... وكذلك من الإنجازات الهامة الأوراق النقاشية لجلالة الملك عبد الله الثاني والتي تحتوي على نقاط إيجابية في غاية الأهمية من أجل دفع مسيرة الإصلاح وتطوير الأردن نحو الأفضل.
..... ومن الإنجازات زيادة كميات الإنتاج من الفوسفات والبوتاس وزيادة الإنتاج الصناعي بشكل عام... وزيادة الدخل من السياحة واكتشاف موقع المغطس وعُمّاد السيد المسيح... وإدراج مدينة البترا ضمن عجائب الدنيا السبع... وإدراج مباني مدينة السلط القديمة ضمن التراث العالمي لليونسكو.
... وخلال العقود الأخيرة تم افتتاح عدد كبير من الجامعات والمعاهد... ويبلغ عدد الجامعات الحكومية والخاصة الآن بالأردن حوالي ثلاثين جامعة.
... وكذلك من الإنجازات تقدم كبير في القطاع الصحي وافتتاح العديد من المستشفيات الحكومية والخاصة... حتى أن شارع مستشفى الخالدي في عمان والشارع الموازي له فيه عيادات لـ (حوالي 1600 طبيب) من كل الاختصاصات.... وهذا العدد غير موجود حتى في شارع Harly Street وهو شارع الاطباء في لندن في بريطانيا.
ومن الجدير بالذكر أنه بعد الألفية الثانية إجتاحت المنطقة العربية حالة من الفوضى بما يعرف باسم الربيع العربي الذي أدى إلى إزالة كيانات سياسية وحالة من الدمار والغوغاء وإراقة الدماء في عدد من الدول العربية حيث تم استعمال القوة المفرطة والقمع الدموي وسقوط أعداد كبيرة من الضحايا وتم استبدال كيانات سياسية بكيانات أخرى غير مستقرة... إلا الأردن الذي ظل صامداً قوياً فأصبح واحة أمن واستقرار وتم التعامل مع الحراكات بمنتهى الحكمة والعقل.
ولم نسمع في الأردن عن استعمال القوة المفرطة والقمع وسقوط الضحايا في الحراكات بل أن الأردن صار مضرب المثل في التعامل العقلاني مع الربيع العربي بالحوار البناء والحكمة فكنا نشاهد قوات الأمن الأردنية بدلاً من استعمال القوة والقمع بأنها كانت تقدم أكواب الماء والعصير للمتظاهرين ومن خلال الحوار الإيجابي والبناء والتفاهم مع مطالب المواطنين تغلبنا على الربيع العربي فأصبح الأردن واحة أمن وسلام واستقرار علماً أنه يحيط بنا بالمنطقة العربية محيط ملتهب ومضطرب وحالة فوضى ودمار وسقوط ضحايا بأعداد كبيرة.
ومن أهم الإنجازات الكبيرة استعادة أراضينا التي كانت محتلة من العدو الصهيوني في الباقورة والغمر وهذا أنجاز كبير يسجل لجلالة الملك عبد الله الثاني والأردن... وكذلك الدور الإنساني الكبير للأردن الهاشمي في إغاثة أهلنا في فلسطين المحلتة ومنها قوافل الإغاثة والمساعدات والمستشفيات الميدانية للقوات المسلحة الأردنية في قطاع غزة ورام الله وعدد من المدن الفلسطينية...
وكان من أهم الإنجازات أيضاً الموقف الوطني الصلب لجلالة الملك عبد الله الثاني والأردن في رفض صفقة القرن واللاّءات الثلاث التي أطلقها جلالة الملك "لا للوطن البديل ولا للتوطين ولا للتفريط بالقدس" وذلك رغم الضغوطات الكبيرة التي يتعرض لها الأردن ورغم الوضع الإقتصادي الصعب، فجلالة الملك عبد الله الثاني يمثل صوت الحكمة والعقل والإعتدال والوسطية، وصوت جلالته مسموع عند كل الأطراف وتحركاته فعالة لدى الدول العربية ودول أقليم الشرق الأوسط وكذلك الدول الأوروبية وفي أمريكا والعالم الإسلامي، وإن الموقف الملكي المشرّف طمأن الأردنيين جميعاً وبعث برسائل لكافة دول العالم بوضوح الموقف الأردني الثابت اتجاه القدس والمقدسات الإسلامية والمسيحية والتي تؤكدها الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف.
ومن الجدير بالذكر أن جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين كان الزعيم العربي الوحيد الذي خاطب مجلسي الكونغرس الأمريكيين ليحظى بوقوف النواب والشيوخ للتصفيق له على أدائه ومنهجه العالمي العديد من المّرات.....
وكذلك من الإنجازات الكبيرة في عهد جلالة الملك عبد الثاني التطور الكبير في التصنيع العسكري الذي تقوم به القوات المسلحة الأردنية..... كما أن الجيش العربي كان له دور كبير في قوات حفظ السلام الدولية في أماكن عديدة من العالم.
كما أن الأردن رغم إمكانياته المحدودة إستطاع خلال العام الماضي والعام الحالي من التعامل باقتدار مع جائحة الكورونا التي اجتاحت العالم فتم تشكيل إدارة الأزمات التي تعاملت بحكمة وبأسلوب علمي مع وباء الكورونا.
وقبل أقل من عام بدأت إحتفالات المملكة بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس الدولة الأردنية الهاشمية... وإذا تساءلنا ما معنى احتفالنا بمئوية الدولة... نقول بأن ذلك يعني الكثير... لأن احتفالنا بمناسبة مررو 100 عام على تأسيس الدولة الأردنية الهاشمية يعني بأن الأردن دولة قوية وراسخة وجذورها ضاربة بالتاريخ... وإن ذلك يعني بأن النظام الهاشمي في الأردن يستند على تأييد شعبي داخل الدولة... والدولة الأردنية قد فرضت نفسها على الخارطة الدولية بقوة...... أقليمياً ودولياً هناك احترام وقبول للأردن، ونحن نعيش داخل دولة مستقرة وآمنة علماً بأن الدول التي حولنا تعيش في ظروف غير مستقرة وبحالة ملتهبة وفوضى ودمار...
لذلك أثبتت الدولة الأردنية بأن لها مقومات الإستمرار والبقاء، عصيّة عن الإنحناء، دولة جمعت ما بين العراقة والحداثة والإرث التاريخي والديني... وعندما اجتاح الربيع العربي المنطقة لاحظناً بأن العديد من الدول في منطقتنا قد زالت مع أي هبوب ريح لكن الأردن بقي صامداً متماسكاً قوياً... وإن ذلك يعود إلى عبقرية القيادة الهاشمية ويقظة جيشناً الباسل وأجهزتنا الأمنية، ووعي الشعب الأردني الأصيل.
..... وهناك إنجازات كبيرة داخل الأردن خلال الـ 100 عام تم إنجازها بالعرق والدم وهي أكبر من حجم الأردن وإمكانياته المتواضعة..... وجلالة الملك عبد الله الثاني قائد الوطن ينطق بالحكمة والرأي السديد، وينظر له زعماء وشعوب العالم باحترام وإعجاب... وهم يستمعون جيداً لآراءه وأفكاره فجلالة الملك يعتبر من حكماء العالم....
....... فالإحتفال بمئوية الدولة الأردنية الهاشمية قصة إنجاز وشاهد على عطاء الوطن وعبقرية القيادة الهاشمية.
... لذلك نحن ندعو الأقلام السوداوية الناعقة بأن تكُف عن التقليل من إنجازاتنا فبدلاً من تصيُّد الأخطاء والبحث عن السلبيات ندعوها إلى تعظيم الإنجازات ونبذ الفُرقة والإنقسام... فيكفينا فخراً أننا استطعنا أن نعبر المئوية الأولى إلى المئوية الثانية بالإنجازات والإرادة والحكمة.
وندعو الله ونحن في بداية المئوية الثانية بأن يُصبح الأردن مركز إشعاع حضاري ومنارة للعرب إنه سميعٌ مُجيب.