كشفت دراسات حديثة يقودها أستاذ الطب النفسي في مستشفى ماساتشوستس العام بالولايات المتحدة، دارين دويرتي، سبب حدوث نوبات غضب "غير مفهومة" لدى المرضى الذين يعانون من الاكتئاب.
وتوصلت النتائج الأساسية لهذه الدراسة، إلى أن الغضب غالبا ما يسير مع الاكتئاب جنبا إلى جنب، فعندما يتزامن الشعور بالغضب مع السلوك العدواني، فإنه ينشط اللوزة الدماغية، المرتبطة بالعواطف خاصة الخوف والقلق والغضب، وتتوقف في الغالب نوبات الغضب عندما ينتهي الاكتئاب.
وفي نتائج دراسة أخرى اعتمدتها جمعية علم النفس الأميركية، أجراها أستاذ علم النفس في جامعة كولورادو، الدكتور جيري ديفنباخر، وقال فيها: "إن الأشخاص الذين يغضبون بسهولة لا يسبّون الأشياء ويرمونها، ففي بعض الأحيان ينسحبون اجتماعيا أو يبتعدون أو يمرضون جسديا".
ويؤكد ديفنباخر أن الأشخاص الذين يغضبون بسهولة، عموما لديهم ما يسميه "تسامحا منخفضا مع الإحباط"، مما يعني ببساطة أنهم يشعرون أنه لا يجب أن يتعرضوا للإحباط أو الانزعاج، ولا يمكنهم أخذ الأمور خطوة بخطوة، ويثور غضبهم بشكل خاص إذا بدا الموقف غير عادل إلى حد ما.
ما هو الفرق بين الحزن والاكتئاب؟
وفقا للدكتور في علم النفس المتخصص في دراسة الغضب تشارلز سبيلبيرغر، فإن الطريقة الطبيعية الغريزية للتعبير عن الغضب، هي الرد بقوة، كرد فعل تكيفي طبيعي على التهديدات، يحرك مشاعر وسلوكيات قوية، وغالبا ما تكون عدوانية، مما يسمح لنا بالقتال والدفاع عن أنفسنا عندما نتعرض للهجوم.
لذلك، فإن قدرا معينا من الغضب ضروري لبقائنا، لكن لا يمكننا أن نهاجم جسديا كل شخص أو شيء يزعجنا، فهناك القوانين والأعراف الاجتماعية والفطرة السليمة، التي تضع قيودا على المدى الذي يمكن أن يقودنا إليه غضبنا.
في القرن الأول، قسّم الفيلسوف الروماني لوكيوس سينيكا، إدارة الغضب إلى ثلاثة أجزاء: أولا، يجب إيجاد طرق لتجنب الغضب في المقام الأول.
وثانيا، يجب أن تعلم كيفية إيقاف مشاعر الغضب عندما تشتعل، وأخيرا ينبغي تعلم كيفية التعبير عن المشاعر الغاضبة للآخرين بطريقة مناسبة.
وطوال هذه السنوات، مازال الخبراء النفسيون يستخدمون بشكل أساسي نموذج "سينيكا"، مع اعتماد بعض الاقتراحات ومن أهمها:
مارس الرياضة بانتظام
تحسن التمارين الرياضية المنتظمة الحالة المزاجية وتقلل مستويات التوتر، كما تعزز إنتاج الناقلات العصبية المنظمة للمزاج في الدماغ، بما في ذلك الإندورفين والكاتيكولامينات.
تنفس بعمق من الحجاب الحاجز
التنفس من الصدر لا يريح الشخص الغاضب بل يجب التنفس بشكل أعمق، حيث يتم تخيل الأنفاس تخرج من "الأمعاء".
ويفضل أن تكرر ببطء كلمة أو عبارة هادئة، أثناء التنفس بعمق، مثل "استرخ" "خذ الأمور ببساطة".
ومن المفيد تخيل تجربة الاسترخاء مع التنفس العميق، عند الاشتعال غضبا، لتكون بمثابة مياه باردة تطفئ الحمم البركانية.
غيّر طريقة تفكيرك
يميل الأشخاص الغاضبون إلى السب أو التحدث بعبارات تعكس أفكارهم الداخلية المفرطة، وهنا يجب محاولة استبدال تلك الأفكار بأخرى أكثر منطقية.
فبدلا من أن تقول لنفسك: "إنها كارثة، كل شيء قد تدمر" أخبر نفسك: "أنا مستاء مما حدث، لكن هذه ليست نهاية العالم وغضبي لن يصلح أي شيء".
تواصل مع الآخرين بشكل أفضل
يقفز الأشخاص الغاضبون إلى الاستنتاجات والتصرف بناء عليها، وقد تكون بعض هذه الاستنتاجات غير دقيقة للغاية.
أول شيء يجب فعله خلال نقاش ساخن هو الإبطاء والتفكير في ردود الأفعال، ولا يجب قول أول ما يتبادر إلى الذهن، إذ ينبغي التفكير مليا فيما نريد قوله، والاستماع للطرف الآخر دون مقاطعته.
استخدم الفكاهة لتخفيف حدة التوتر
أخذ الأمور ببساطة من شأنه نزع فتيل التوتر، واستخدام الفكاهة يساعد على مواجهة ما يثير غضبنا، ويخفف من حدة المشكلة.