ربما يكابر الإنسان في لحظات كثيرة من حياته خصوصاً في ربيع حياته ويعتقد أنَّه محور الكون وبأنّه لا حاجة له إلى قوة إلهية تسنده وترشده وتنير دربه وتشكِّلُ له ملجأ خلاص في الشدة والأمات كحصن حصين. هذا لا يتعارض مع منهج الحياة الفلسفي الذي يبحث ويسعى في طريق الحقيقة ودروب الحياة الخيّرة التي خُلقنا لأجلها، فالعقل هو هبة ربّانية للإنسانية ووجب ألا نعيش بدون أن نحتكم لنعمة التفكير والمنطق والتحليل سبيلاً للوصول إلى مفاهيم صحيحة وليس خزعبلات.
وفي خضم هذه الطريق نحتاج إلى تلك القوة الإلهية التي تقوينا وتنير عقولَنا، فطريق الحياة مليئة بالمطبّات والحفر والعوائق، بعضها طبيعي والآخر مصطنع من بني لحمنا الذين ملئ الشّر قلوبهم ، لأن الشّر في العالم كبير وهو عدو النجاح والحب والوئام. ولذلك نحتاج إلى تلك القوة الإلهية التي تشكِّلُ ذلك النور الحقيقي الذي لا يمكن أن يُضِّل طريقنا بل يهدينا ويقودنا في طريق السلام، ويدعونا للإتكل على الله بعد العزم على قبول التحدي في الإصرار على السير في تحقيق الآماني والطموحات التي نرسمها لحياتنا بهدي الله وإرشاده.
فهذا الإتكال هو الإعتماد على الله بأنه مصدرُ خلاصنا ونجاتنا مهما إعترت حياتنا صعوبات أو تحديات أو أخطار، وهذا الإعتماد يبعث في النفس القوة والعزيمة والشجاعة بأنَّ قيمة ونعمة الحياة أسمى من كل المغريات وتستحق أن نجاهد لأجل الحفاظ على مقومات الحياة الكريمة التي تشكل عنوان حياتنا البشرية. وفي استعراض مسيرة وحياة كثيرين من حولنا نرى بأنه هناك قد تشكلت رموز وإيقونات دفعت بحياتها في سبيل الخير الأسمى والخير العام ولرفع الظلم عن الناس وتحقيق العدالة وصون الكرامة الإنسانية. أمثال هؤلاء لم يقدروا أن يقوموا بلك لولا أنّ الله كانَ نورهم وخلاصهم وحصن حياتهم. ومن يخشى الله لا يخاف إنسان حتى ولو نزل عليه جيش وإن قامت عليه حرب، ففي ذلك إطمئنانه وسلامه لأنه يلتمس مرضاة الله كل أيام حياته.