قدم الفنان الدكتور كرام النمري شهادة إبداعية عن تجربته مع الأعمال النحتية على الخشب الزيتون، والحجر، والمعادة، كما تحدث عن ابرز المنحوتات التي قام نحتها منها مسرح المخطوطات في المركز الإسلامي في الجامعة الأردنية في العام 1989، وهو من الفابير جلاس، وتمثال صلاح الدين في الكرك في العام 1984، واقتراح ذاكرة المكان في أربد عاصمة الثقافة العربية من مادة DAS.
جاء ذلك في الندوة التي نظمها منتدى الرواد الكبار بعنوان "مبدع وتجربة"، وحضرها مجموعة من الفنانين والمهتمين بالشأن الفني، وأدارتها المستشارة الثقافية في المنتدى، التي أشارت إلى أن النمري فنان ونحات مرهف الإحساس، أصيل متجذر في عروبته، يمتح من التاريخ ويعيد تشكيليه بأسلوب حديث، بفكرة عبقرية ادخل فكرة النحت والتماثيل إلى المجتمع الأردني المحافظ ثم اتخذ منها رسالة فكرية سامية.
وقالت ملص إن النمري عشق الأرض والإنسان والحجر والشجر، وجاب مع والده غابات اشتفينا فعشق الأشجار وهو يرى والده يزرعها، أيقن أن للحجر والشجر والمكان ذاكرة عميقة، فحول كل ما بين أيدينا إلى فن وإبداع، لافتا إلى انه أثناء العاصفة الثلجية أليكسا 2013، ومجاراة للعصر وتحدي العولمة قام النمري مع فريق من الطلبة في الجامعة الأردني بتحويل الأشجار إلى منحوتا خشبية.
فيما قالت مديرة المنتدى هيفاء البشير إن برنامج "مبدع وتجربة" والذي يستضيف فيه المنتدى رمزاً مهماً من الرموز الأردنية التي تخط بإبداعه حدود وطننا العزيز، الدكتور كرام النمري الفنان الأكاديمي المبدع الذي ترك بصمة خاصة في عالم الفن منطلقاً من إيمانه الراسخ بالعروبة والهوية.
وأشارت البشير إلى أن تجربة النمري الإبداعية غنية وقيمة وثمينة، تجعلنا ندرك الجذور التي أنطلق منها إضافة إلى التعرف على رسالته في الحياة، لافتا إلى أن تم إقامة معرض نحتي للنمري في منتدى وكان برعاية سمو الأميرة وجدان بافتتاحه قبل سنوات.
النمري تحدث عن تجربته في التلفزيون الأردني والبعثة إلى بريطانيا للتدريب في قناة BBC، والعمل كمصمم ديكور في التلفزيون الأردني الذي كان أول تلفزيون ملون في المنطقة، حيث قام بتصميم ديكور للعديد من المسرحيات والمسلسلات مثل مسلسل "صلاح الدين الأيوب"، الذي كان يصور في اليونان، ومن هذا المسلسل استوحى تمثال صلاح الدين الموجود الآن في الكرك ويصل طوله إلى "10" أمتار، كما تحدث عن تجربته في الجامعة الأردنية، والجامعة الأمريكية، قصر القصعة، جزيرة فرعون المصرية.
وعن النحت على الخشب قال اخترت خشب الزيتون بشكل كبير في بعض منحوتاته؛ لان شجرة الزيتون "تحتفظ بذاكرة لمودة طويلة، كما هو حال شجر الزيتون التي تعمر لآلاف السنين، فعندما ارسم منحوتة على خشب الزيتون تبقى خالدة".
وأشار النمري إلى أن كل شجرة تختزن في داخلها آلاف الذكريات اصدق من كتب التاريخ، وهذا ما يدعى "ذاكرة المكان والكهف والأشجار"، فهي تسجل أصوات الإنسان الذي مر بهذه المنطقة بتجارب فمن الغرب جاءتنا الحروب الصليبية، ومن الشرق جاءنا هولاكو.
وقال النمري إنه يعتمد في أعماله النحتية على إبراز علاقة الكتلة مع الفراغ، من مرحلة التعبير عن القضايا الإنسانية، إلى صياغات حداثية تعتمد على مفاهيم التجريد المعاصر، ومن هذه الأعمال في الميادين العامة نُصب "الرقاع"، الموجود بمحاذاة مسجد الجامعة الأردنية الذي أهدته أمانة عمان في العام 1989 إلى الجامعة، مؤكد أن كل فنان عليه أن يبحث عن جذوره.
وقال النمري إن الفن ينقسم إلى قسمين فن جماهير الذي يخاطب بائع الخضار والسائق التكسي والموظف وأستاذ الجامعة، والفن الواقعي، يخاطب الذين ليس لديهم سوى الواقع للمقارنة وأخذ العبر التاريخية وخير دليل على هذا تمثال صلاح الدين في الكرك، ومثله موجود في فيلا "صالح المقطش"، في دابوق، ومنحوتة "الرياح الغريبة"، التي مزج فيها الحديد مع النحاس، مبينا أنه يوجد في الأردن الحجر الجيري هو حجر رسوبي متوفر في الأردن.
وأشار النمري إلى منحوتة"إربد عاصمة الثقافة العربية"، قائلا "لقد استوحيت هذه المنحوتة من قصيدة عرار التي تقول (قالوا: تدمشق ، قولوا: ما يزال على علاته إربدي اللون حوراني// قالوا: يحب، أجل ، إنّي أحب متى كانّ الهوى سبّة يا أهل عمان؟)".
ويذكر ان الفنان الدكتور كرام النمري يعدّ أحد رواد الجيل الثاني من الفنانين التشكيليين الأردنيين وأحد أبرز رواد النحت في الأردن الذين ظهروا في بداية سبعينيات القرن العشرين. حصل النمري على شهادة البكالوريوس في تخصص النحث من جامعة دمشق عام 1970، ثم حصل على دبلوما في النحت على الرخام من معهد كاريرا لتقنيات الرخام في إيطاليا عام 1975. أكمل النمري دراساته العليا في الولايات المتحدة، حيث حصل على درجة الماجستير في فن الاستديو - نحت أساسي من جامعة كارولاينا الجنوبية عام 1980 ودرجة الدكتوراة في الفلسفة في الفنون المقارنة من جامعة أوهايو في أوهايو، عام 1995، كما حصل على تدريبات احترافية في الإنتاج التلفزيوني في برلين عام 1988 وفي فيينا عام 1979 ولندن عام 1975.