رحيل أستاذ النحو العربي واللسانيات العربية بالجامعة الأردنية، وعضو المجمع اللغوي، البروفسور نهاد الموسى الذي كان يمتلك تجربة حداثية مستقرة خرجت من قلب التراث لتوائم بين المتطلب المعرفي في عالم سريع التغير، وعمق اللغة التي تعتبر الركن الأهم في الموروث الثقافي.
كان يبتعد عن التقعر في اللغة ويسهّل تقنياتها في إطار السهل الممتنع؛ لذلك لاقى من طلابه وزملائه إشادات تسجل له في تاريخه المشرق الذي قدم من خلاله منجزاً علمياً في اللسانيات والأدب ليتبوأ مكانته في المشهدين: الأكاديمي كباحث عالم، والثقافي العربي كأديب أريب. وقد أتحف المكتبة العربية بمجموعة دراسات متميزة في مجالي اللسانيات والأدب، منها:
"العربية.. نحو توصيف جديد في ضوء اللسانيات الحاسوبيّة"، والثنائيات في قضايا اللغة العربيّة في العصر الحديث، من عصر النّهضة إلى عصر العولمة"، و"العربية في مرآة الآخر"،
نهاد الموسى نحوي، ولساني، وتربوي، وإداري، وأكاديمي، ارتبطت سيرته العلمية بالجامعة الأردنية طوال خمسة وأربعين عاماً، شغل في أثنائها رتبة الأستاذية منذ عام 1980. عمل في هذه الأثناء رئيساً لقسم الدراسات العليا للعلوم الإنسانية والاجتماعية، ورئيساً لقسم اللغة العربية وآدابها، وعميداً لكلية الآداب.
منح في مايو السابق 2022 وسام الملك عبدالله الثاني ابن الحسين للتميز.
كان يغمر محدثيه بدماثة أخلاقه الرفيعة،
تعرفت عليه منذ أعوام في مناسبة ثقافية، حيث تواصلت معه نهاية ديسمبر 2018؛ ليقدم المشورة الفنية في إنجاح مؤتمر " على أبواب يافا" الذي نظمته "دارة آل أبو بكر للثقافة والعلوم والفنون حيث تناول في اثنتين من جلساته الإبحار في ثلاث روايات ارتبطت بمدينة يافا الفلسطينية الأسيرة.
ونصحنا الموسى حينذاك، بأن يتم تأجيل الأمسية الشعرية عن المؤتمر، وفصلها عنه؛ كي تتحقق شروطه الفنية.. واقترح أن يتخذ المؤتمر صفة الاستمرار فيعقد سنوياً مرة أو اكثر؛ لربط الإنتاج الأدبي بالمدن والقرى المحتلة من باب المقاومة الثقافية.
ترأس المؤتمر حينها د. يوسف أبو بكر، وأشرفت عليه لجنة تحضيرية برئاستي كوني نائب الرئيس، ووعدني بدعم فكرة مؤتمر تتناول الروايات التي كتبت بوحي من قرى فلسطين السليبة.
رحم الله الفقيد الذي التحق بالرفيق الأعلى تاركاً أثراً طيباً لدى كل من تعامل معه، وقد أتحف مكتبتنا العربية بثروة علمية في مجال اللسانيات. فإلى جنات الخلد يا صحاب الخصال الحميدة والنهر المعطاء دون توقف.