قالوا في المثل العربي قديمًا: "أوفى من السَّمَوأل" إذا أرادوا أن يضربوا المثل في غاية الوفاء، وقصة هذا المثل أنّ امرأ القيس المعروف أعطى السَّمَوأل بن عادياء - الشاعر الجاهلي - دروع أجداده الشهيرة ومعها بعض الكنوز لما أراد التوجه لقيصر الروم، حينها طلب ملك المناذرة تلك الدروع والكنوز من السموأل، فأبى السموأل أن لا يدفعها إلا لمستحقها، فتوعده الملك مرة يرهِّبه ومرة يرغِّبه دونما جدوى.
حينها سار إليه الحارث بن ظالم المري قائد جيش النعمان بن المنذر من نجد إلى حصن الأبلق بجيش جرار (وحصن الأبلق هو حصن السموأل وهو لا يزال موجوداً في تيماء السعودية بالقرب من تبوك)، فلما علم السموأل بقدوم الجيش اعتصم بالحصن وكان ولده حينها خارج الحصن في رحلة صيد فلما وصل قائد الجيش وجنده تمت محاصرة الحصن، وظفر القائد بولد السموأل عندما عاد من رحلة الصيد، فأخذ يطوف به حول الحصن وهو ينادي بالسموأل، فأشرف السموأل عليه من فوق الحصن فلما رآه القائد أخذ يصيح له قائلاً: أيها السموأل قد ظفرنا بولدك وها هو أمامك، السيف فوق رقبته والسيَّاف حاضر، فإن أعطيتنا ما جئنا لأجله أخلينا عن ولدك وأحسنا لك، وإن أبيت قطعنا أوداجه أمامك فاختر ما شئت.
فقال أحد الأزديين للسموأل: يا بن عادياء قد حفظت أمانتك قدر المستطاع وامرؤ القيس قد مات وهذا الملك خلف له فادفع له ما يريد وخلِّص ابنك فإنه فارسنا وكريمنا الذي لن نرضى بقتله من أجل أدرع الكندي، حينها فكر السموأل قليلاً ثم صاح قائلاً: "ورب السماء لن أخون ذمتي، ولن أجعل العرب تعيرني بقلة وفائي وولدي بين يديك أمانة فإن قتلته كنتُ وبقية أولادي له خير خلف وإن تركته ما كنت لأعطيك أمانة في عنقي" فقتله القائد أمام أبيه، فأصبحت العرب تطلق مثل: "أوفى من السَّمَوأل" على شدة الوفاء.