بعد دخول الحرب الأوكرانية شهرها السابع، وفي ظل اشتعال المعارك بجنوب أوكرانيا، وسط هجمات مضادة من كييف لاستعادة خيرسون، دخلت ساحة الحرب أسلحة جديدة من الجانبين وتكتيكات عسكرية مختلفة.
ماذا حدث؟
خلال الحرب، اتبعت روسيا عدة خطط عسكرية، بدأت من تكتيك "التقدم ببطء" إلى استراتيجية "التكيف في الميدان" وإدخال أسلحة عسكرية، كان آخرها قاذفات "إس 350"، فائقة القدرات، فضلًا عن تزويد عدد جيشها.
أوكرانيا من جانبها ردت بعدة تكتيكات، كان آخرها استراتيجية "زرع الفوضى" بالخطوط الخلفية، فضلًا عن نشر آليات عسكرية مصنوعة من الخشب والمطاط للإخفاء والتمويه بساحة المعركة.
تكتيكات جديدة للجيش الروسي
في بداية الحرب، حاولت القوات الروسية الاستيلاء بسرعة على العاصمة كييف، لكنها مع مقاومة الأوكرانيين، حولت موسكو تركيزها على منطقة دونباس في الشرق وغيرت استراتيجيتها.
خلال الشهرين الماضيين، ميدانيًّا على الأقل، دخل الصراع في طريق مسدود، حيث سعت روسيا إلى تطبيق تكتيك "الصراع المجمَّد" أو "التقدم ببطء".
اتبعت القوات الروسية "الاستراتيجية المدمرة" للسيطرة على مدينتي سيفيرودونتسك وليسيتشانسك، إذ تستند الخطة إلى "القوة النارية المتفوقة والتقدم التدريجي"، بالاعتماد على المدفعية طويلة المدى، والتضاريس المسطحة وخطوط الإمداد الروسية القصيرة، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.
أدخلت موسكو سلسلة تحديثات على قواتها بالمعارك، وكان آخرها قبل يومين، نشر منظومة الدفاع الجوي الحديثة "إس-350" في قاعدة قرب حدود أوكرانيا، والتي يمكنها الاشتباك مع 16 هدفًا في وقت واحد وتتبع 40 هدفًا، وصد الطائرات بنسبة 90 بالمئة، وفقًا لموقع "ذا درايف" العسكري.
في 30 أغسطس، نقل الجيش الروسي بطاريات "إس-300" من مواقعه في سوريا إلى ميناء نوفوروسيسك الروسي بالقرب من شبه جزيرة القرم، وفقًا لشركة الأقمار الاصطناعية الإسرائيلية "إيميدج إنترناشونال".
يتبع الجيش الروسي ما يسمى باستراتيجية "التكيف مع الميدان" أو "سلسلة التكيف"، وتقوم على المراقبة والتحليل واتخاذ القرار، ومن ثم التنفيذ.
زيادة القوات، ففي زيادة تعد الأكبر من نوعها، أصدر الرئيس الروسي، الأسبوع الماضي، قرارًا برفع عدد الجيش من 1.9 ملايين مجند إلى ما يزيد على مليونين خلال شهر يناير المقبل.
ومعلقًا، يقول المحلل العسكري الروسي فلاديمير إيغور، إن الجيش الروسي يعتمد على تكتيك الضربة المفاجئة، ثم محاولة تهدئة الخصم، حتى يتقبل عواقب الضربة، ويتم تحقيق ذلك من خلال خفض النشاط إلى حدوده القصوى.
وأضاف أن القوات الأوكرانية أصبحت تعتمد بشكل متزايد على القوات الأقل تدريبًا، مثل الموجودة بقوات الدفاع الإقليمي والحرس الوطني لدعم الوحدات المنهكة على الخطوط الأمامية.
وتابع: "الجيش الروسي يتقدم في أوكرانيا ببطء لتقليل الخسائر، والمساعدات الغربية لكييف لن تمنع موسكو من تحقيق أهدافها".
استراتيجيات مضادة لأوكرانيا
في المقابل تتبع أوكرانيا سلسلة تكتيكات عسكرية مضادة بدأتها بحرب المدن حول العاصمة كييف، ما أفشل المحاولات الروسية للسيطرة على العاصمة ونقل المعارك إلى الشرق الأوكراني.
لكسر الهيمنة الروسية على الشرق الأوكراني، اتبعت أوكرانيا طريقة "بدء الهجوم"، الأسبوع الماضي، المعارك بجبهة الجنوب وبخاصة بمدينة خيرسون، لمحاولة كسر جمود الحرب والتقدم التدريجي الذي يتبعه الروس.
في محاولةٍ لصد الهجوم الروسي، بدأت كييف تكتيكًا يسمى بـ"زرع الفوضى" الذي يعتمد على تنفيذ هجمات من المقاومة الأوكرانية و"شبكة المحاربين" بالخطوط الخلفية للروس، وكان أبرزها الهجوم على قاعدة جوية روسية في القرم، وتفجير جسر رئيسي في ميلوتوبول، واستهداف مقر الأسطول الروسي بالبحر الأسود، وذلك لتحطيم بعض أسنان الروس والتخفيف من وطأة هجماتهم، وفقًا لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
تستخدم قوات الدفاع الأوكرانية نماذج خشبية ومطاطية من صواريخ "هيمارس" الأميركية، لجذب القوات الروسية لإطلاق صواريخ كروز من طراز "كاليبير" بعيدة المدى لتدميرها، ومن ثم عمل تمويه على قواتها واستنزاف قدرات الجيش الروسي.
مؤخرًا، تتبع كييف تكتيك "الاغتيالات السياسية"، مستهدفة قادة عسكريين ومدنيين روسًا؛ أبرزهم الصحفية الروسية داريا دوغينا، ورئيس إدارة ميخائيلوفكا، إيفان سوشكو، وفق تقارير روسية وغربية.
تقول "فايننشال تايمز" إن أوكرانيا فعلت "شبكة المحاربين" في نهاية يوليو الماضي، في الوقت الذي صعدت فيه قوات النخبة الأوكرانية الخاصة عملياتها في الأراضي الواقعة تحت قبضة روسيا.
ترسل أوكرانيا مجموعات من القناصة في مهام في المناطق الفاصلة بين القوات الروسية والأوكرانية بهدف استهداف قادة عسكريين بارزين.
يقول الباحث في الشؤون العسكرية مينا عادل إن الجيش الروسي يتبع حاليًّا أسلوب "التكيف بالميدان" الذي يعتمد على المراقبة والتحليل واتخاذ القرار، ومن ثم تنفيذ الهجمات.
ويضيف لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الجيش الروسي أظهر قدرات مبهرة في تطبيق هذا التكتيك منذ عقد من الزمان بعد تغيير خططه العسكرية بناءً على المعارك في سوريا وبالتطبيق في الحرب الأوكرانية، وبالإضافة إلى الأسلحة بينها المقاتلات من طرازي "سو 30" و"سو-35"، وبالدفع بوحدات الدفاع الجوي المدولبة من طراز "إس-350" و"والبوك إم 3" و"البانستير" حققت روسيا تفوقها الجوي والدفاعي في أرض المعركة.
كما تعتمد روسيا على منظومات ووسائل الحرب الإلكترونية لعزل الوحدات الأوكرانية عن مراكز قيادتها وقطع الاتصالات وإعاقة عمليات الاستطلاع، ما يؤثر على القرار العسكري الأوكراني.
أما الجيش الأوكراني فاعتمد سلاحه الجوي على تكتيك الحفاظ والاستماتة بالمعركة وتدريب الطيارين على الإقلاع والهبوط من الطرق الرئيسية والمطارات الفرعية، والمناورة الدائمة بوحدات الدفاع الجوي، واستخدام قوات ووحدات خفيفة بتسليح نوعي، بالإضافة إلى المساعدات العسكرية الغربية مثل "هيمارس" الأميركية، وصواريخ جافلين والطائرات بدون طيار، وأخيرًا صواريخ "الهارم". سكاي نيوز