نيروز الإخبارية : تعدّ قبيلة عادٍ من قبائل العرب البائدة القديمة، وقد ورد ذكر قصَّتهم مع نبيّهم هود -عليه السلام- في مواطن كثيرةٍ من القرآن الكريم، كما جاء القرآن الكريم على ذكر اسم مدينتهم: إرم ذات العماد، وذلك في قوله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ* إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ)،
وتعدّدت الأخبار والروايات التاريخيّة الواردة في موقع هذه المدينة،
قام عالم الآثار نيكولاس كلاب في بداية عام 1990م بالاطلاع على صور الأقمار الصناعية التي التقطتها ناسا لجنوب الجزيرة العربية، وبعد دراستها ومقارنتها بالمخطوطات وشهادات البدو في القبائل، والخرائط القديمة، وصل إلى أنّها مدينة إرم المذكورة في القرآن وهذه آثاراها، حيث بيّنت الصور آثارًا لمعالم وأبنيةٍ مدفونةٍ تحت الرمال، وذلك في منطقة حضرموت جنوبي صحراء الربع الخالي.
قوم عاد
يرجع نسب قبيلة عادٍ كما تشير بعض الروايات التاريخية إلى عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، كما يذكر المؤرخون أنّ قوم عاد كانوا قد عبدوا أصنامًا ثلاثةً يقال لها: صداء وصمود والهباء، وذلك نقلًا عن كتاب تاريخ الطبري وكانت لعاد وبنيه من بعده حضارةٌ مميزةٌ وعنايةٌ بالعمران، ومن آثارهم يوجد أبنية حجريَّةٌ لا تزال أنقاضها في حضرموت اليمن.
قوم عاد في القرآن
ذكر القرآن الكريم قوم عادٍ في أربعٍ وعشرين موضعًا من القرآن الكريم، وآتيًا ذكرٌ لعددٍ من الآيات التي ورد ذكرهم فيها:
ذكر الله في القرآن الكريم أن قوم هود كانوا يسكنون في الأحقاف، وتعريف الأحقاف أنّها الأرض الرملية، كما جاء في قوله تعالى: (وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتِ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّـهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
ذكر القرآن الكريم ما أمدّ الله -تعالى- به قوم عادٍ من بساتين، وأنعام، وينابيع قال تعالى: (وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُم بِمَا تَعْلَمُونَ* أَمَدَّكُم بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ* وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ).
ذكر القرآن الكريم أنّ قوم عادٍ كانوا بارعين في العمارة؛ فبنوا القصور المترفة والضخمة والصروح الشاهقة حيث قال تعالى : (أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ* وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ).
هود نبيّ عاد
تعريفٌ بهود عليه السلام
هود -عليه السلام- أحد أنبياء الله -تعالى-، أرسله إلى قوم عاد، هُودُ بْنُ شَالَخَ بْنِ أَرْفَخْشَذَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وقيل هو هود بن عابر، وقيل هود بن عبد الله، قال تعالى: (وَإِلى عادٍ أَخاهُم هودًا قالَ يا قَومِ اعبُدُوا اللَّـهَ ما لَكُم مِن إِلـهٍ غَيرُهُ أَفَلا تَتَّقونَ).
دعوة هود لقومه
دعا هود قومه إلى عبادة الله -عزّ وجلّ- وحده وترك عبادة الأصنام؛ لأن ذلك سبيلٌ لاتقاء عذاب يوم القيامة، ولكنهم حقروا دعوته واحتقروه وقالوا عنه سفيه، وكاذب، رغم أنّ هودًا -عليه السلام- جاهد ليفي بهذه الصفات، وأنّه رسول الله جاء إليهم ناصحًا ونبيًّا يدعوهم إلى الخير.
ولمّا أصر قوم عادٍ على شركهم، ولم يستجيبوا لدعوة هود -عليه السلام- لهم إلى التوحيد؛ فأرسل الله -تعالى- عليهم ريحًا عاتيةً شديدةً، استمرّت فيهم سبع ليالٍ وثمانية أيّامٍ، ودمّرت مساكنهم، وأهلكتهم وتركتهم جثثًا هامدةً كجذوع النخل البالية، قال تعالى: (وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ* سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ).