ليست تلك بالطفولة السعيدة التي عاشها المغفور له الملك الحسين ، وقصة بداية الحياة عنده كما هي في كتاب مهنتي كملك تتحدث عن صعوبات ومشقة ولكن في بيئة تربوية سامية .
لم يكن حب المغفور له الملك عبدالله الأول لحفيده الحسين الا لما كان يتنبأ به الجد لحفيده ، يكفي مخاطبته دائما بكلمات تقول : " انت الامل يا حسين "
ليست هي السنين التي تتحدث عن التاريخ ، بل احداث يوم واحد قد تجعلك تعيش سنين من الذكريات ، فكيف الامر مع شخصية جلالة الملك الحسين وهو يقول : انا من اسرة كتب عليها العذاب . فسنوات الحكم الـ 47 هي بعداد السنين مائة واكثر ، أيام وساعات ودقائق عاشها الحسين ليس داخليا فحسب بل في قراع المؤتمرات واللقاءات العربية وهو يواجه حالات البعد عن المسؤولية العربية والحجم الكبير من التآمر على هذا الوطن الأردني ، ولا يمكن ان احدد حجم التآمر هو لمكانته التاريخية ومكانة قيادته الشرعية الهاشمية او هو استهداف لخدمة اجندات في معظمها اجندات تخدم اعداء الامة .
قراءة بسيطة في كتاب حربي مع إسرائيل وهو يغطي الى نهاية عام 1969 ، تشعر بحجم المعاناة في حرب 67 ربما معاناة مع العرب اكثر من المعاناة مع العدو ، واكثر من موقف استشاط الحسين فيه غضبا ، ولكن بعد حزيران والكرامة واحداث أيلول تتطور المعاناة لتصبح منهجا مدروسا تجلى في اكثر من قمة عربية بسبب مواقف عربية اضاعت القضية الفلسطينية لنراها اليوم بهذا الواقع المرير . قلت يا حسين " انني أُحمل مسؤولية قراركم ان صدر للتاريخ " وقد صدر القرار فأين التاريخ الذي يتحمل مسؤولية القرار ؟ فقد غادر أصحاب القرار هذا وبقيت المأساة تصنع في كل يوم مأساة جديدة وتستمر المأساوية .
تراكمت في الصدر حالات صعبة ، وارتسمت على قسمات الوجه الذي ما فارقته البسمات في أعتى الظروف ، ولكن المأساة تستمر بالانفجارات الانشطارية وكان القدر ان يكون صاحبها على ممر الرحيل .
الحسين غفر الله لك واسكنك فسيح جنانه ، وحقبتك من نصف قرن تحتاج الى من يدرسها وفي فمه مُرٌ أمَّر من المر وهو يقدم الدروس التي ما استوعبها أولئك الذي صنعوا مر الأيام التي نحياها .
استمرار دراسة حقبة الحسين فيها الدروس والعبر واكتساب خبرات عتية .
نقترب من ربع قرن مع جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ، وقد اخبرته طيب الله ثراك قبل رحيلك بأنك ستكون مع الشعب الوفي ،
ورحلة الاشواك ورحلات على الحافة تستمر ولكن لا بد من التفاؤل والامل والصبر في دولة قوية تواجه كل اشكال الصعاب وانسان اردني يتميز بوعيه وكرامته .