قادت النائب ميادة شريم جاهة للصلح العشائري، وهي المرة الاولى في تاريخ القضاء العشائري والصلح بين الناس مما أوجد وجهات نظر متباينة بين الناس في المجتمع الأردني بين معارض ومؤيد،
وكلا الطرفين لديه أسبابه وقناعاته، لكنها ظاهرة قادمة جديرة بالبحث والاستقصاء والتشخيص بعيدا عن المواقف الشخصية والقناعات الذاتية ..
أرى من هذا الجانب ضرورة توضيح لما جرى أنه جاء بعد ان تصدى بعضاً من الأفراد لجوانب الصلح العشائري ممن لا تتوفر فيهم الشروط المطلوبة لذلك وأصبحت بعض الجاهات العشائرية يقودها من اطلقوا على أنفسهم شيوخا ً ووجهاء دون أحقية وجاءت الحالة مما هب ودب من المتنفعين، وليس صحيحاً ان كل من أرتدى العباءة صار أهلا ً للزعامة !
النائب شريم حققت الغاية من اجراءات الصلح مثلها مثل الكثيرين وبقي ان المجتمع قبل أو لم يقبل !
ان تحضر الإنسان والمجتمعات مرتهن بالقوانين التي تحفظ الحقوق والحريات الأساسية وتضبط أيضا في ممارسة أي سلوك ضار بالمجتمع والدولة.��فقوة القانون من حيث الفكرة ومن حيث التطبيق هي عوامل أساسية في تغيير وتحديث طبائع الشعوب لتكون أقل عدوانية وأكثر اعتدالا ًومثالية. ومن أكثر الأمثلة الحديثة على ذلك؛ قانون التحكم في الجريمة وفرض عقوبات تمنح القانون سلطة واضحة لتحقيق الأهداف في الردع العام والردع الخاص من أجل الوصول للعدالة
الإشكالية بقيت في فكرة وآلية التطبيق للقوانين وليس في نصوص ومواد هذه القوانين بل أيضا ً في العقليات السائدة حولها !
القضاء العشائري ليس إلا جزءاً من التراث الاجتماعي الذي أصبح من غير المجدي الرجوع إلى هذا التراث والعمل به في ظل وجود الدولة وسلطاتها التشريعيّة والتنفيذية !
في الآونة الأخيرة اختلفت النظرة إلى القضاء العشائري الأردني من خلال التباين في الزاوية التي يُنظر إليه بناء عليها،
ويرى الدكتور بسام الجبور في كتابه ( الاجراءات المتبعة في القضاء العشائري الاردني )
أن القضاء العشائري ينقسم إلى قسمين رئيسين، هما: 1. فقه القضاء العشائري، والذي يتضمن التقاضي عند القضاة العشائريين بكافة النزاعات، وهذا القسم لم يعد له وجود إلا نادراً في بعض النزاعات الشائكة، وأهم العوامل في إنهاء هذا القسم هي: وجود قوانين تقضي بها المحاكم على اختلاف أشكالها ودرجاتها بالنزاعات التي تنشأ بين الخصوم.
إن التحاكم إلى القضاء العشائري لا يتأتّى إلا برضا طرفي الخصومة، مما أدى إلى عدم إلزاميته، وبالتالي عدم الإقبال على التحاكم إلى القضاء العشائري من قبل الكثيرين، واللجوء إلى المحاكم النظامية بدلاً منه. 2. القسم الثاني من القضاء العشائري هي الإجراءات العشائرية، والمعترف بها من قبل سلطات الدولة الإدارية، فهي رديف لأنظمة الضبط الإداري؛ لحفظ الأمن والاستقرار وضبط النزاعات الناشئة عن وقوع الجرائم في المجتمع، وهذا القسم الذي يُعمل به إلى يومنا هذا، وهو الذي لا بد من توضيحه لحاجة المجتمع إليه. و لمّا كان القضاء العشائري ــ بشكل عام ــ عرفاً متوارثاً عن الآباء والأجداد، غير مدوّن بنصوص خاصة يمكن الرجوع إليها في حال التقاضي، كان يُعمل به دون أطر أو محددات، فكانت هذه الأحكام القضائية والأعراف العشائرية محفوظة في ضمائر القضاة العشائريين وأذهانهم، مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمعاني التي يؤمنون بها ومستمدّة من الطبيعة الاجتماعية التي تحكم بيئتهم؛ لحفظ منظومة التوازن بين أفراد العشيرة ولضمان الاستقرار لمجتمعهم؛
الملاحظ اليوم غياب جيل ممن يسمون القضاة العشائريين ذوي الخبرة والدراية الذين كانوا يحفظون في ضمائرهم الأحكام والمصالح وورثهم الابناء والأحفاد ممن لا يتمتعون بذات الخبرة والدراية وحتى المعرفة والسلوك !
دخول المرأة على مساحة التصالح بين المتخاصمين أثار حالة من الاستهجان عند بعض الفئات في المجتمع الاردني مما يوحي بضرورة إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح وهو وضع شروط ومعايير محددة لضبط الانفلات في هذا المجال وحمايته من المتكسبين وممن يستغلون حاجات المواطنين لانهاء الخلافات التي يحصل بعضا ً من هؤلاء على أموال تتعدى أحياناً قيمة الاضرار وأتعاب المحامين ورسوم المحاكم الرسمية
دعوة لإعادة كثير من الأمور والشؤون الاجتماعية الى نصابها دون تزيد أو مغالاة ،