المحور الأول: جانب من منهج اليهود والصهيونية (ووعد بلفور) تتبعاً وتطوراً في الاحتلال والاستيطان:
لقد استخدم أعداء هذا الدين (الحرب الساخنة) للقضاء على الإسلام وأتباعه، فلما فشلوا ونصر الله القلة المؤمنة، تحولوا هم وأتباعهم إلى النفاق فأظهروا الإيمان وأبطنوا الكفر؛ ليهدموا الإسلام من داخلهُ، فكانت حادثة الإفك عن أم المؤمنين عائشة، ثم كان مقتل عثمان ثم مقتل علي-رضي الله عنها- ثم الحرب، التي كان وراءها هؤلاء المنافقون( العدو الخفي). وهكذا هو حال أعداء الإنسانية في خلق الحروب والدمار والقتل، وزعزعة الأمن، وزرع الفتن، وتشويه الحضارات. بل وقتل معاني الإنسانية، لدى أتباعهم؛ لبث فكرهم الهدام؛ إعلامياً وأكاديمياً وتربوياً، واجتماعياً، وغيره.
ولقد كان وما زال الحقد منصباً على الدين والأخلاق، إفساداً بـــــ(التيارات الفكرية والعنصرية أللأخلاقية نموذجاً( وصنع الأحداث واستثماراها؛ تطوراً للاحتلال (الأرض والإنسان)-زيادة وإبقاءً-.. فبعدَ أنَّ جاءت الحروب الصليبية، وما حملته من دمار، وبعد فشلها، تحول الخراب إلى الداخل، فكانت أعمال اليهود داخل المجتمع عن طريق جماعاتهم وأتباعهم المؤيدة لهم. ثم كان وئد تطلعات الثورة العربية، وما حصلَ بعدها من غدرٍ وإفشال لكل حقوق العالميّ، العربي والإسلامي؛ كوعد: بلفور: الذي تمخضَ عنه وغيره، من تقسيم للبلاد العربية، وفلسطين خاصة، وتوزيعها، بين بريطانيا،وفرنسا، واليهود وجعل آخرهم –مباشرا وموكلاً منهم، إلى أن أصبح يتصرف، بلا وازع أو رادع!.
ويؤكد المفكرون والمؤرخون: على أن هذا الكيان الصهيوني جاءَ كنتاج لوثيقة بلفور الاستعمارية عام1917م، الأمم المتحدة (1922م، و1947م) وبقيامها: تحول الصراع بين العالم الغربي والمشرق العربي، من صراع فكري ثقافي؛ لكسب الأتباع بين المسيحية الغربية من جهة، وبين الإسلام والمسيحية الشرقية من جهة أخرى. وكل أهدافه ونتائجه تحول على فلسطين، البلاد الأكثر قدسية، بل وتحول إلى صراع تمَ زج اليهود به؛ للحديث عن روايات تاريخية مزعومة مكذوبة، تتنازع على الأحقية في الأرض.
المحور الثاني: جانب من تعنت وغطرسة اليهود والصهيونية تتبعاً وتطوراً للاحتلال والاستيطان وكسر الإرادة:
كانَ التلاعب الصهيوني ومازال بـــــ(اللغة والدين) والقانون الطبيعي والدولي، مستمر!. لكن لن يُغير من الواقع شيئاً عزماً وإرادة، ومسؤولية، إلا لدى أولئك المغرضين، والمتآمرين، والمتواطئين مع الصهيونية المتعنتة والمتطرفة، فهي لا تريد السلام ولا تبحث عنه، على العكس منه الشعب الفلسطيني، الذي كان ومازال يبحث حقوقه في أرضه وموطنه، وعلى مرأى العالم ككل، والمجتمع الدولي، فقد قدم الشعب الفلسطيني الكثير من الشهداء، غير من واجهوا الحبس والقمع والاستيطان، بل وقدم العديد من التنازلات المؤلمة وغيرها من عام (47-67-74-88) من التقسيم- إلى النكسة- إلى حلول فاشلة بــ1974م- إلى أوسلو 1988م- إلى 2012م، والدخول إلى الأمم المتحدة بالعضوية، ومن ذلكم:
إن المواطن الفلسطيني قد قبل السلام؛ لأنهُ تواق للسلم والأمن والاستقرار، كحق مشروع.
إن المواطن الفلسطيني قد قدم تنازلات؛ ليس لأنهُ لا حق له في أرض وطنه! من النهر إلى البحر، بل لأن القانون الدولي، وقرارات الشرعية الدولية، أقرت ذلك.
إن الشعب الفلسطيني قرر في مبادرة تاريخية عام1988م أن يقبل بما قبل به العالم على الرغم من الظلم والإجحاف بحقوقه.
إن العالم مازال عاجزاً عن إحقاق الحق بسبب الإدارات الأمريكية المتعاقبة، التي تصطف خلف الصهيونية من منطلقات دينية غيبية!! أو استعمارية، ذات أبعاد أمنية وإستراتيجية.
وعلى الرغم من تلكم التنازلات المؤلمة إلا أنَّ هذا هو الحال دائما استهتار من المجتمع الدولي؛ خوفاً على مصالحهم؛ ولقوة وغطرسة النفوذ الصهيوني المتغلغل في الولايات المتحدة الأمريكية وإدارتها المتحيزة، وكذلك في المجتمع الغربي!.. مما جعل من السياسة اليهودية، التمرد وعدم الإذعان لأحد؛ بدليل ابتكارها فكرة: "البروباغاندا" الإسرائيلية كآلية لمصطلح الضم؛ لتحقيق هدفين ذهنيين على العالم، وعلى فلسطين، هما:
الأول: إعادة تسويق مسألة الاستيطان في دولة فلسطين المحتلة.
الثاني: تمييع مسألة الاحتلال المُباشر.
المحور الثالث: جانب من منهج اليهود والصهيونية تتبعاً وتطوراً لتمييع مسألة الاحتلال المُباشر وكسر الإرادة:
وتقرير ما تقدم فقد جاء في كتاب: (تهافت العلمانية في الصحافة العربية):
أولاً: ما جاء عن (مورو برجر) في كتابه: "العالم العربي اليوم" فقال: يَجِبُ أَنْ يُوضَعَ فِي الحُسْبَانِ نُقَطَتَانِ رَئِيِسِيَّتَانِ:
الأولى: العمل على تقليل سلطة الأب على أولاده؛ ليتمكن أن تُحمل الأسرة العربية على طبيعة الحياة الغربية، ثقافة: فكراً وطبعاً. والثانية: ضرورة تأسيس حكومات عسكرية في البلاد العربية؛ للقيام بالإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، وتطبيق علم الاجتماع بنظرياته.
ثانياً: ما كتبه(كويلرينج) في كتاب" الشرق الأدنى مجتمعه وثقافته" من ضرورة أن يحدث في البلاد العربية ما حدث في فلسطين؛ حتى لا يبقى للبيت العربي سلطان، كالذي كان له على بنيه قبلاً.
ثالثاً: ما تضمنته " بروتوكولات حكماء صهيون " من خطط محكمة؛ للاستيلاء، ومنها قولهم:
لقد كان اليهود خلف عالم الطبيعيات (داروين) في زعمه أن الإنسان أصله قرد وليكذبوا القرآن في بيان هذه العلة وهي أن الله-عز وجل- مسخ عصاة اليهود في عهد نبيه موسى وجعلهم قردة خاسئين.
وكان اليهود وراء عالم النفس (فرويد) ليجعلوا الإنسان عبيد الشهوات والجنس.
وكانوا وراء عالم الاجتماع (دوركايم) ليشيعوا أن القيم الأخلاقية نسبية وغير ثابتة لأن الغاية تبرر الوسيلة، وبالتالي فالزواج والأسرة أمور غير ثابتة.
وكانوا وراء(كارل ماركس) في فلسفته المادية وإنكار الله تعالى، ودعوته إلى الجنس والمال.
رابعاً: نبذة عن المخطط الأمريكي بقلم( يوجين روستو): باعتماد (منهجية الصراع بين الحضارات إلى التغير والتغيير بالهوية والفلسفة والفكر والمعتقد) وكذا في كتاب: 'لعبة الأمم"(ما يلز كوبلاند)(التغير بمنهج القوة وفكرة القلب والانقلاب).
وبهذا قال: الملك الحسين-رحمهُ الله- (( إنَّ أكبرَ تحدي يواجهُ العالم الإسلامي، ينتصب أمامكم في فلسطين وما حولها، وهو جدير أن يُحيي في نفوس المؤمنين الصادقين مشاعر التضحية، والبذل والنضال من أنَّ القدسَ: حبة قلوبنا، ونور عيوننا، ورمز إيماننا، ومسرى رسولنا، ومثوى شهدائنا وأبطالنا، يستحيل علينا أن ننساها لحظة واحدة، أو نفرط في ذرة من ترابها)). (محافظة،2020م:272).
المحور الرابع: جانب من بعض السبل توصية؛ لمواجهة اليهود بقضية تمييع الاحتلال المُباشر، وكسر الإرادة:
1-الاستشهاد ببعض أفكار المفكر العربي، مالك بن نبي والتجربة الجزائرية مع الاستعمار وغطرسته، ومن ذلك فكرتين، هما: الأولى: فكرة: (منطق البقاء)- والثانية: (تغيير ما بالنفس- خيراً وقوةً- أولاً: هو امتداد لتغيير ما في محيطها).
٢- أيضاً ما يؤكدهُ ويكررهُ جلالة سيدنا الملك عبد الله -حفظهُ الله ورعاه- من أنَّ القضية الفلسطينية والقدس خاصة، هما محور وجوهر وجبَ أن يكونا في وجدان كل عربي، فبيت المقدس، هو قبلة المسلمين الأولى، ولا يمكن لمنطقتنا أن تنعم بالسلام، والاستقرار، والازدهار، والقضية الفلسطينية تراوح مكانها)).
٣- نعم، عملاً وتطبيقاً، لمن نادىَ في برنامج هويتنا العربية والإسلامية، "عينُ على القدس" برنامج التلفزيون الأردني، ومن شعاره الدائم: (لنجعل القدس أقوى في تحملها، ولنجعل القدس أقوى في تحديها).
المراجع:
البهنساوي، المستشار سالم علي (ت:1427هـ)، تهافت العلمانية في الصحافة العربية،1990م، ص29.
مجلة: (سياسات) فلسطين بين جائحتين كورونا والتطبيع، 2020م: ص(136-146).
3- المفكر العربي مالك بن نبي(ت:1393هـ)، دور المسلم ورسالته في الثلث الأخير من القرن العشرين،1991م: ص(58-63).
4-"القضية الفلسطينية" في خطابات الحسين بن طلال ملك المملكة الأردنية الهاشمية لعام من عام 1952 لعام 1999م، الأستاذ الدكتور: علي محافظة/كرسي الملك الحسين للدراسات الأردنية والدولية/، الجامعة الأردنية، 2020 م.
5-ما جاء في وكالة الأنباء الأردنية (بترا) بعنوان: (جلالة الملك من مؤتمر دعم القدس: ضرورة توحيد الجهود العربية لدعم صمود الأشقاء الفلسطينيين على أرضهم) على الرابطhttps://petra.gov.jo/Include/).) نقلاً: عن وكالة (عمون) الإخبارية الأردنية (https://www.ammonnews.net).
6-ملاحظة، يأتي هذا المقال في الحديث عن القضية المحورية، "القضية الفلسطينية"، مشاركة، وبحثا، بنظرة تشاركية لكافة التطلعات والرؤى، والتوصيات، لمؤتمر القدس، المراد انعقاده في الشهر المقبل، إن شاء الله تعالى.
والله الموفق لا رب غيره.
كتبه، د. ضرار مفضي بركات
محاضر غير متفرغ/ ج. جدارا
عضو الاتحاد الأكاديميين والعلماء العرب
ويعمل لدى وزارة التربية والتعليم/ المملكة الأردنية الهاشمية