جهود وزارة التنمية الاجتماعية التي تُبذل في مكافحة التسوّل لا يمكن لشمسها أن يغطيها الغربال، فهي واضحة بنشاطها وتغطيتها لكافة مناطق المملكة، وسرعة استجابتها في حال تقديم أي شكوى بهذا الشأن، بإدارة ومتابعة دائمة من وزيرة التنمية الاجتماعية المحامية وفاء بني مصطفى، ولم تقف هذه الجهود عند حدّ النشاط إنما تجاوزته للتجديد والتحديث تبعا لأساليب باتت مبتكرة في التسوّل، بشكل باتت فيه تسعى جاهدة للسيطرة على هذه الظاهرة.
ورغم كل هذه الجهود التي لا تتوقف على مدار الساعة، وتتسع دائرة نشاطها يوما بعد يوم، إلاّ أنه وللأسف فإن التسوّل لا يزال ظاهرة مقلقة، تنشط بشكل مزعج خلال فترات محددة من السنة، أكثرها خلال فصل الصيف؛ ما يشوّه من المشهد العام للمملكة أمام المواطنين، وأمام ضيوفها، للجوء بعضهم للتسوّل بأساليب مزعجة وبإلحاح حتما لا يلجأ إليه من يحتاج العون بشكل حقيقي، ذلك أن دراسات كثيرة أثبتت أن الكثير من المتسولين هم من غير الفقراء وغير المحتاجين، جاعلين من التسوّل مهنة، لتبدو التفاصيل مزعجة ومؤذية للسيارات وللمشاة بدرجة كبيرة.
وفي أرقام وزارة التنمية الاجتماعية أيضا حالة تستدعي الدراسة، حيث أعلنت ضبطها من خلال كوادر وحدة مكافحة التسول، 4359 متسولا من البالغين والأطفال في المملكة، خلال النصف الأول من العام الحالي، فيما بلغ عدد المضبوطين من البالغين 2139 منهم 1324 من الذكور، و815 من الاناث، بالإضافة الى 2220 من الأطفال، لا يمكن المرور عن هذه الأرقام بقراءة عابرة، فهي أرقام تعكس حالة علاجها ليس فقط من مهام وزارة التنمية الاجتماعية، إنما تستدعي شراكة وتعاونا حقيقيا بين المواطن والمؤسسات الرسمية ذات العلاقة لمكافحة هذه الظاهرة السلبية.
ويبدأ دور المواطن في مكافحة التسوّل بعدم منح المتسولين أي مبالغ مالية، وعدم التعاطف معهم تحت أي ظرف، سيما وأن أعدادا منهم باتت حججهم واضحة، تحديدا الأطفال، باستخدام وسائل استعطاف واهية كالبكاء على الإشارات الضوئية، أو القاء محتويات علبة حلوى أو «علكة» في الشارع والبكاء عليها، أو الادعاء بالإصابة بمرض معين، أو إعاقة معينة، وغيرها من الوسائل التي تكرر ذاتها عند البعض وفي شوارع معروفة، كل هذا يجعل من فكرة منحهم المال مرفوضة وتشجعهم على التسول، بالتالي على المواطنين عدم التعاطف معهم ومنحهم المال.
ومنع الأموال عنهم يقلل من انتشارهم، ومن زيادة عددهم وزيادة انتشار ظاهرة التسوّل، في ظل نتائج دراسات أجرتها وزارة التنمية الاجتماعية على المتسولين المضبوطين أن التسول أصبح وسيلة سريعة لجني المال وليس بدافع الفقر، وفي ذلك حقيقة تضعها الوزارة تحت مجهر اهتمام الجميع بأن تذهب الأموال لمستحقيها ومن خلال الجهات ذات العلاقة، ففي عشوائية منح الأموال تشجيع على التسوّل، ومكافحته تبدأ عند المواطن، وتنتهي عنده، فيما تترك التفاصيل القانونية والأمنية والإجرائية للجهات الرسمية ذات العلاقة.
كثيرون باتوا يغيرون من مسارهم لعملهم أو لمنازلهم تجنّبا للمرور من نقاط تسوّل باتت تأخذ لها أماكن تواجد في شوارع واحياء محددة، تجنبا لإزعاجهم وطريقة تسوّلهم، واستعطافهم للمارة بأساليب سلبية وواضحة بأنها لغايات كسب المال بطريقة سهلة وليس لحاجة أو فقر، فارضين بذلك حاجة ملحّة لمنع هذه الظاهرة، واجتثاثها بصورة عملية وحقيقية يتشارك بها الجميع ليكمّلوا جهود وزارة التنمية الاجتماعية بمنعها بشكل كامل وخلو الشوارع من المتسولين، كحقيقة وليس خيالا.