الطريق طويلة، طويلة جداً، تشعر أنك تحتاج لعام لتقطع المسافة مابين المدينة المنورة ومكة المكرمة، الشمس تلهب دولايب السيارة المكيفة، قد تلتصق بالإسفلت، تطبع عينيك على زجاج النافذة، اسئلة كثيرة تنقر رأسك، حيث يتشعب خيالك بحضور الماضي، وكأنه اليوم، كيف قطع عليه أفضل الصلاة والسلام وصاحبه كل هذه الطريق؟! هل كانت قربة الماء تكفيهما؟! كيف صمدت الضلوع كل هذه المسافات المخيفة ؟! لا شجر ولاجرف يستظلون به بعض وقت... قد يكون ذاك الكثيب مناسبا للراحة هنيهات.. لا، هذا الكثبان أكبر قليلا وأفضل ليتوارى سنام القصواء عن عيون المتتبعين،هل كانت زواذتهم تكفى؟؟ .. لايمكن أن يكون معهم خبزاً.. صرة تمر وحفنة زبيب.. ممكن...
تمضي بك سيارتك تشق سراب الصحراء.. تتفطن.. ترى أين لحق بهم سُراقة بن مالك؟.. هناك حيث الأرض مسطحة غاصت قوائم فرسه... ممكن جداً... يقفز مرة أخرى السؤال... ترى لماذا قال لصاحبه وهما في الغار لا تحزن.. ولم يقل لاتخف.. ترد في بالك إجابة قطعية، ثقته بأن الأمر سيبلغ منتهاه بإرادة الله، هذه خاتمة رسائل الهداية للناس، تمت، (إنا نحن نرث الأرض ومن عليها وإلينا يرجعون) صدق الله العظيم.
... تصل حيث اللحظة، تتنهد خارج تلك البانوراما التاريخية.. حتى شدا متسلقو عماتنا النخلات.. طلع البدر من ثنيات الوداع....
كل عام والجميع بخير.. والصلاة والسلام على رسول الله.