لو كانت هناك كتب متخصصة في تاريخ الحياة الحزبية والبرلمانية توزع على المدارس بشكل مبسط، وتسترعي انتباه الطلبة من بدء دراستهم حتى الوصول الى المرحلة التوجيهية، لما كنا اليوم نشحذ سيوفنا للحرب الباردة التي لم يعد الكثير من الشعب مهتماً بها، وإن نظرنا إلى الأمام قليلاً لوجدنا أن غالبية المتدحرجين نحو أهبة الاستعداد ليقبضوا على المقعد الأول في الحزب أو الحركة أو التجمع أو سموها كيفما شئتم، لفهمنا أن تلك الفزعة ستكون عائقاً لتقدم البرنامج السياسي، حتى البرنامج الاقتصادي يحوى إلينا أن العاملين في القطاع غير مهتمين، وكأننا في جزر متقطعة، ولذلك علينا أن نعيد ترتيب الأدوات لا أن نقفز فوق المراحل.
الرئيس بشر الخصاونة خرج على قطاع هام يدعوهم إلى النقاش العام فيما يتعلق برؤى الشباب خصوصا طلاب الجامعات، وناقشهم في لقائين آخرهما في جامعة مؤتة، وأعاد التذكير بأن المستقبل للشباب، ولكن هناك طيفا يعارض بناء على ما يراه اليوم لا ما يريد أن يراه في المستقبل، فالأعمار تُسرع بما لم نعد نتذكر يومياتنا، وأي متمترس خلف جدران التعنت لن يجد بعد فوات الآوان وقتا كي يأسف على ما أضعناه خلال السنين الماضية.
اليوم لا نرى الكثير من المنظرّين، هناك البعض من المقليّن يتداولون أفكاراً لم تطبق قبلاً، ومنهم مسؤولين سابقين يخرجون على المجتمع بنظريات منها ما هو مقبول ومنها ما لا يقبله الناس، وهناك من لا يعترف أصلاً بأي شخصية سياسية، بل يكيل باللائمة على المسؤولين من أعلاهم حتى أصغرهم، ولو نظرنا جيداً لرأينا أن هناك فجوة كبيرة بين الجيلين، وهذا ما أضاع على الحياة السياسية الكثير من الشباب الذين يستطيعون بأفكارهم خلق حالة تقدمية ينتج عنها تأسيس أحزاب نابعة من خاصرة المجتمع.
قد لا يتفق البعض مع ما يطرحه دولة الرئيس، ولكن هناك سياقا متقدما فيما يطرحه الخصاونة كي نبدأ من جديد وصولاً لإقناع الشباب بالحياة الحزبية المصانة من قبل أركان الدولة ويشدد عليها جلالة الملك، فنحن نعيش في ظل مئة عام ونيف خلت، وكانت الحياة الحزبية آنذاك متقدمة عن كل الطروحات، وكما يقول الفاهمون: أن نصل متأخرين خير من أن لا نصل، فإذا اعتمدنا على بعض المبطلين الذين يعانون الحكاك الوظيفي، سنجد أن أبناءنا سيكررون ذات المشكلة، بينما الدول المتقدمة تعتمد على عنصر الشباب في دعم التطوير والبناء مجدداً.
إن هذه الفرصة، مع ترددي وشكوكي حول البعض ممن قدموا أنفسهم كمنظرّين يسعون إلى العلياء بلا عصا، فإن الفرصة مواتية لانخراط جيل جديد يقرر مصيره عبر قنوات هادفة للتغيير، فإن هناك عدد من المواطنين لا يهمهم أصلاً أي قانون حزبي، بل إن المعضلة بالنسبة لهم هي القضية الاقتصادية.
قد لا يتفق البعض مع ما يُطرح، ولكن الأصل أن نعزز دور الأردنيين في الحفاظ على دولتهم.