هزَّاع في معاجم العربية اسم علم عربي الأرومة والجذر ، بدوي المسمى ، جاء بصيغة المبالغة من الفعل هزَع ويعني أسرع ، وكسر . والهزّاع : الأسد ، لأنه يُكثر من كسر عظام فرائسه .
ولد هزاع بركات المجالي قبيل بزوغ فجر الإمارة الأردنية بثلاث او أربع سنين على أبعد تقدير ، أرسل والده والدته وهي حامل به إلى مضارب أخواله الونديين بجهات ماعين بعد أن انخرط والده في جيش ثورة العرب الكبرى ، ليأمن عليه من بطش السلطات التركية التي اتخذت من الكرك معقلاً لها ، ليعيش في كنف جده وجدته لأمه التي بكاها حفيدها الصغير بكاءً مراً عند وفاتها وهو في العاشرة من عمره ، فكفله خاله وزوجته بعد ذلك .
أتم في طفولته قراءة القرآن الكريم ، وحفظ المعلقات السبع ، وهو ما يزال ما بين سن الخامسة والعاشرة .
كان هزاع في هذه السن المبكرة يتوق إلى رعى البُهم مع جده لأمه كلما ألمت بالراعي وعكة صحية تقعده عن الرعي . وكان الرعي عنده من أبهج محطات حياته .
عاد هزاع من عند أخواله إلى مرابع الأهل في الكرك كرهاً ، على غير رغبة منه في سن الحادية عشرة ، ليدرس في مدرسة القرية ، فدرس الصف الأول ثم رُقي بعد شهرين للصف الثاني لفطنته وتفوقه على أقرانه ، وبعد أن رقُي للصف الثالث الأساسي انتقل إلى مدرسة الكرك الثانوية ، ليتلقى التعليم فيها على أيدي عدد من المعلمين منهم فوزي الملقي وسليمان النابلسي ، فعمل بعد أن امتد به العمر في حكومة الملقي وزيراً للداخلية ، وقبلها مع النابلسي في وزارة السيد سمير الرفاعي .
التحق هزاع بمدرسة السلط الثانوية ، ليعمل بعد ذلك في دائرة الأراضي والمساحة موظفاً ، وفي محكمة مأدبا كاتباً . ثم بكلية الحقوق في جامعة دمشق طالباً ، وموظفاً في التشريفات الملكية في عهد الملك المؤسس عام ١٩٤٧ .
كان هزاع وطنياً غيوراً ، نادى مع ضربائه من أبناء الوطن إلى إقصاء الموظفين غير الأردنيين المعارين من --- سوريا ولبنان وفلسطين ‐- من المواقع الهامة في الدولة ، إذ حاول معظم هؤلاء الوقوف سداً يحول دون وصول الأردنيين إلى هذه المناصب ، ولسان حال الأردنيين كما قال هزاع قول عرار :
زيتون برما سيبقى داشراً لكل مرتزق أفاك يجنيه
تقلد هزاع المجالي مواقع هامة في الدولة ، فأصبح لبلدية عمّان رئيساً ، ثم وزيراً للزراعة ، وللعدل وزيراً . وفي عهد الحسين طيب الله ثراه شكل حكومته الأولى عام ١٩٥٥م ، ثم وزيراً في البلاط الملكي عام ١٩٥٨م ، فرئيساً للوزراء تارة أخرى عام ١٩٥٩ ، اختار في وزارته هذه رفيق دربه ودراسته السيد وصفي التل مديراً للتوجيه الوطني عوناً له وسنداً ، ليسهم معه في تطوير الإعلام .
وفي الذود عن حياض فلسطين إبان حرب ١٩٤٨ ، تولى هزاع بنفسه مرات عديدة وبتوجيهات من الملك المؤسس نقل السلاح والعتاد من مخازن الجيش الأردني لأحمد حلمي في القدس تارة ، وإلى صبحي الخضرا وحسن سلامة في يافا تارة أخرى . وكان يلحظ أن تلك النجدات من الأسلحة الخفيفة ، تقع في نفوس الأهل في فلسطين موقع الماء من الأكباد العطشى .
كان هزاع رئيس وزراء غير مسبوق في تاريخ الحكومات الأردنية ، اتصفت شخصيته بالقوة والرزانة والاتزان ، وحسن الرأي والروية . مهني في عمله ، لا يحابي أحداً على حساب الوطن وقيادته ، صريحاً عندما يتحدث عن سيرته وطفولته الأولى . نقل لنا في مذكراته شهادته على عصره الثر بمجرياته الجسام .
تلك هي شطر من مناقب الفقيد الوطنية والقومية خطها نقشاً على جدار الوطن ، حتى سقط شهيداً بانفجارٍ في مبنى رئاسة الوزراء على أيدي أنصار التيار الناصري ، في التاسع والعشرين من آب عام ١٩٦٠ ، في الوقت الذي كان يجتمع فيه كعادته كل يوم إثنين بالمواطنين يستمع لمطالبهم .
غادرنا هزاع وهو في قمة صعوده ، وذروة عطائه ، قوي الشكيمة ، نبتة أردنية برية عصية على الجز والتقليم ، ليتسنم ذرى المجد شهيداً ورمزاً وطنياً . ولم يدرك اولئك القتلة أنهم بجريمتهم هذه قد خلدوا اسمه ورفعوا ذكره في ووجدان الأردنيين ، ليبقى دوماً الحاضر في أهداب الوطن ، الحيّ في نبضات قلوبنا . قضى نحبه شهيداً ، لا كما يموت البعير ، فلا نامت أعين الجبناء..