أجمل الأوقات هي لمّة العيلة ..لا تقل لي غير ذلك ..فغير ذلك مهما علا طعمه و انتشرت لذته لن يساوي شيئًا مع جلوس العائلة بأطفالها و شبابها و كبارها و سرد الذكريات و الحكايا وبالذات حول الصوبة أو موقد النار ..مع موسيقى : اسكت يا ولد ..اهمد يا ولد ..يا ولية اقظبي ابنك ..يا حرمة حطي القاروط بحظنك ..!
أقول هذا و أنا أرى الغربة التي تدخل حيّزًا شاسعًا في مساحات العائلة في السنين الأخيرة ..فكل حكاية لكبير يقطعها عشرون رنة واتس أب ..وخمسون مسجًا لماسنجر ..و الكبير الذي يحكي يجحظ بعينيه في البداية و يحاول بالايماءات أن يرسل رسائله الواضحة بالانتباه إليه ولكن لا حكاية مكتملة مع موبايلات رنّانة ..فيضطر أخيرًا للقول : ما تطفوا هالماخوذ خلّونا نعرف نحمل هالسالفة اللي (بــــعــــ......)..!
كلّنا الآن نجلس جلسةً عائلية ولا نرى بعضنا ..كلّنا نسلّم على بعضنا ولا نتذكّر هل سلّمنا أم لا ..؟ يا فلان سلمت عليك ..؟ لا والله لما مدّيت ايدي إنت كنت تكبّس بالتلفون ..لا يا زلمة سلّم عليك ..و الله ما أنا متذكر ..!
كلنا ضائعون في وحل التيه ..لأن التيه هو خارطة طريقنا ..ولا تعتقدوا أن هروبنا نحو الموبايلات و الواتس و الفيس في غمرة دفء الجلسة العائلية هو هروب من الدفء ؛ بل هو إمعانٌ في الغربة ..وتأكيد على هزيمتنا ..وكأننا نحتج على أنفسنا بأنفسنا ..أو نريد أن يكون الزمان غير هذا الزمان ..!
نصيحة : اغلقوا موبايلاتكم حينما يكتمل حضور العائلة ..وافتحوا بدلًا عنها القلوب بجوارح صافية ..انظروا لوجوه بعضكم لتتعرفوا على التراكمات التي حلّت بها ..تأملوا أعماقكم لتتعرفوا على حقيقة أزماتكم ..!