الدكتور فيصل السرحان أستاذ االصحافة والاعلام – الجامعة العربية المفتوحة – الاردن
بإعتقادي أنّ المؤسسات والشركات الاعلامية بدأت فعلاً تشعر بالخطر، وتسعى جاهدة لأخذ إحتياطاتها لحماية بيئتها التي بدأت أدوات الذكاء الاصطناعي تغزوها بقوة وسرعة. بدأ العاملون في مجال صناعة الاخبار والبيانات وضع سيناريوهات لمواجهة مخاطر الاستغناء عن خدماتهم أهمها الوقوف في وجه هذا الغزو ومحاربته، أو العمل على إحتوائه والتعامل معه بكل أريحية. بعد إنتشار برنامج الدردشة (CHATGPT) مثلاً الذي يقوم بتقديم وتزويد المعلومات للمستخدمين بشكل مبسّط ومنظّم لوحظ أنّ بعض عمالقة المؤسسات الاعلامية قد بدأوا بالفعل في فتح حوارات ومفاوضات لبيع مخزوناتهم المعلوماتية والاخبارية للشركات التكنولوجية الكبيرة التي تهيمن على صناعة الذكاء الاصطناعي. في حين أنّ البعض الآخر بدأ في بناء شراكات مع هذه الشركات التكنولوجية من خلال تصميم برامج دردشة جديدة خاصة بها ، فالجماهير تبحث اليوم عن المعلومات المتعلقة بالاستفسارات، ومن يقدمّها قبل غيرة وبموثوقية فالغلبة له وأرباحة مضمونة. بروز الذكاء الاصطناعي بهذا الشكل والقوة لن يخلق مشكلة في نظري للمؤسسات الاعلامية وإداراتها، وتوجد سابقة شكّلت أنذاك معضلة حقيقية مشابهة للبشرية والمؤسسات الاعلامية على وجه الخصوص، تمثلّت بظهور ( شبكة الانترنت ) التي تركت الصحف والمطبوعات خلفها، وسبّبت تراجعاً كبير في إيرادات الاعلان، الاّ أنه وبعد إدراك القائمين على هذه المؤسسات لهذا الخطر، لجأوا الى الاستعانة (بجوجل) التي وفرّت لهم منصة مبتكرة في تحقيق النجاح وكذلك منصات التواصل الاجتماعي التي هيأت للاعلان نقطة إنطلاق جديدة في فضاء الربح والديمومة وإدارة السمعة.
إعتادت الناس أن تستمد معلوماتها من الصحافة الورقية، فقد أشارت البيانات المنشورة في صحيفة الغد اليومية في شهر شباط من عام 2023 وفقاً لدراسات قامت بها مؤسستي (GWI و Data.ai) وجود (5.59) مليون مستخدم تتراوح أعمارهم بين 18 عامًا فأكثر يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي في الأردن في بداية عام 2023، وهو ما يعادل (79.4٪) من إجمالي عدد السكان وهذه شكلت مفترقاً واضحاً في تحوّل عائدات الاعلان من الصحافة الى منصات التكنولوجيا المختلفة ومع ذلك تمّ تجاوز هذا التحدّي بإستيعابه والانخراط بمنظومته. تطبيقات وأدوات الذكاء الاصطناعي تحدّ جديد أمام الصحف والاعلانات يمكن تحويله الى فرصة حقيقية، إذا بني على إنتاج محتوىً متخصصاً ذو جودة عالية يرتكز على الموثوقية، ويستند على أسماء مؤسسات إعلامية مرموقة مثل "الرأي" .