يؤلم الحديث عن الكثير من التحديات التي تواجهها البشرية منذ فجر التاريخ، لكن التحدي الأكبر: كيف يحول الإنسان التحديات إلى فرص ويصنع منها حافزاً للبحث عن حلولٍ، يصعب الوصول إليها في أوقات الرخاء والراحة. فالحياة يجب أن تكون دائمة الإرتباط بالتفكير، وبالتفكير خارج الصندوق، وهذا ما مكَّن البشرية من الوصول إلى حلول كثيرة لمشاكل معقدة يصعبُ الوصولُ إليها بدون أسلوب البحث والتحري وإجراء التجارب المتعددة.
وربما ما يرتبط بإيماننا اليوم هو، كيف نسهم في سعادة الحياة البشرية وتحررها من قيود الأوهام والخزعبلات والخرافات، ومساعدتها للنهوض بإستخدام ملكة العقل التي مَنَّ الله به على البشرية، والعقلُ هو الكنز الثمين الذي إذا فقدناه فقدنا معه كل شيء. لذلك فملكة العقل هي ثراء الشعوب الحقيقي، فمَن يمتلك الفكرَ والمعرفةَ يتفوق على الآخرين. ولا شيءَ يقبعُ خارج دائرة التفكير المنطقي والسليم والتجارب العملية للوصول إلى حلول وعلاجات وإبداعات متنوعة تسهم في تطور الحضارة الإنسانية ورقّيها. ولذلك تسعى الأمم المتقدّمة إلى إستقطاب أصحاب العقول من بلدانها الأصلية لتُجيِّرَ إبتكاراتهم وإختراعاتهم لصالحها وتزيد من تفوقها.
وللآسف الشديد، فإن خيوط الشد العكسي في الحياة كثيرة، فالجهل والتخلّف والتعصب الأعمى سواء كان دينياً أو قومياً أو طائفيا أو مناطقياً ألذُّ أعداء التقدم والسعادة الحقيقية. كتب د. حسني عايش يوم أمس على الفيس بوك عبارة، مفاهدها، إذا خيّر لك أن تختار بين ثراء المال أم ثراء العقل، فماذا تختار؟ ربما في ظروفنا اليوم تجدُ الكثيرون يميلون إلى الميل نحو ثراء المال، لأن المال أصبح هو الغاية وهو الوسيلة، وأصبح كل شيء في حياتنا، فماذا ينفعلك عقلك إذا كانت جيبتك مخروقة! ولكثيرين لو خيُّروا بين النفاق لتحقيق مصالحهم وبين مبدأ الصدق، لفضَّلوا النفاق والتلّون وفق الظروف والأحوال وتنازلوا عن مبدأ الصدق ونصرة الحق.
لذلك، فإيماننا يدعونا أن نستنهضَ الهممَ وأن نسهمَ في سعادة البشرية عندما نعمل على جعل الأصّم يسمعُ والأبكم يتكلم. فحتى الإنسان الأصم بيولوجياً يقدر اليوم أن "يسمعَ بعينيه"، والإنسان الكفيف أن "يرى بأذنية وبيديه" والأبكم أن يتكلم بلغةِ الإشارة، فماذا عن الصّمِ والبُكمِ في عالم يتطلبُ نعمةُ السمعِ ونعمةُ الكلام؟!
والحقيقة تقول، أنه عندما يستطيع الإنسان أن يسمعَ ما يغذي العقل والقلبَ معاً عندها ينحّلُ رباطُ لسانه ويقدرُ أن يتكلم مستقيما ويقولَ كلمتَهُ النبوية التي تصّب في خدمة الصالح العام وسعادة البشر.