فى ظل حرب إبادة يشنها كيان محتل مدعوم بدعم لا محدود من الولايات المتحدة والغرب ضد شعب فلسطين الأعزل جاء بيان واضح وحاسم من وزراء خارجية ٩ دول عربية " مصر والأردن والإمارات والبحرين والسعودية وعُمان وقطر والكويت والمغرب"، والذى يعد بمثابة إنذار للعالم والمجتمع الدولى فى ظل تفاقم الأوضاع فى غزة.
والمقدر أن بيان وزراء خارجية العرب جاء - كما ذكرت - كان واضحا وحاسما بشأن الإصرار على وقف إطلاق النار، والعمل على تخفيف المعاناة الإنسانية، والرفض المطلق لأى حديث ينادى بتهجير الفلسطينيين من أرضهم، وكذلك رفض العقاب الجماعى للشعب الفلسطيني بغرض تصفية القضية على حساب دول الجوار.
لكن ما نود حدوثه أن يتم البناء على هذا التنسيق العربى المشترك، ليكون لدينا خارطة طريق عربية لنتمكن من صياغة موقف دولي باتجاه وقف إطلاق النار ثم الانطلاق نحو العمل على المسار السياسى والتفاوضى لحل الدولتين وفقا لمقررات الشرعية الدولية.
وأعتقد أن هذا لن يتحقق إلا بتوسع دائرة التنسيق لتشمل كل داعمى الحل وإنهاء الصراع، وأنه لابد أن يزامن هذا التنسيق تحركا عربيا باستخدام كافة أورقة الضغط من قبل الدول العربية بشأن التصعيد المتزايد، وورقة المصالح التى تمتلكها عواصم الدول العربية التسعة، حتى لا نترك الفرصة باستغلال أطراف للأزمة أو نمنح فرصة للاحتلال من الاستفادة من عنصر الوقت فى تنفيذ مخططاته بالقتل والإبادة ما يؤدى إلى تعقيد الأزمة وتفاقمها، خاصة أنه وبحسابات اللحظة الراهنة فإن هناك تحولا فى تعاطف الرأى العام العالمى تجاه الحق الفلسطيني، وهو ما نراه ظاهرا فى تظاهرات عدة فى كثير من دول العالم لدعم فلسطين، إضافة إلى تحول فى المجتمع البحثى العالمى وأصحنا نرى تقارير وأوراق بحث تتحدث عن الحق الفلسطينى.
غير أنه عدم قيام جيش إسرائيل بتنفيذ قرار العملية البرية حتى اليوم العشرين من العملية يعنى أنه ليس أمام إسرائيل إلا القصف الجنونى والعشوائى غير عابئة بالرهائن، وهو ما يؤكد أن حكومة نتنياهو لا تبحث إلا عن انتصار عسكرى وبأى شكل ولتنفيذ مخططاتها المتطرفة، وهو ما يتطلب جهودا وتحركات كبيرة للقادة العرب على المستوى الإنسانى والسياسي والشعبى انطلاقا من الموقف الموحد لوزراء خارجية العرب التسعة، بحيث نكون أمام قرار عربى ودولى يجبر مجلس الأمن الدولى على التخلى من اتباع سياسة ازدواجية المعايير، واتخاذ قرار بوقف إطلاق النار، واغاثة سكان غزة.
لأنه مكمن الخطر .. أنه إسرائيل والولايات المتحدة والغرب يسعون إلى التسويق والترويج أنه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بدأ من 7 أكتوبر 2023، و العمل على حصر الصراع بين إسرائيل وحركة حماس، وأنه من بدأ الهجوم هى الحركة، وأنه من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها، متغافلين ومتجاهلين أنه هذا الصراع بدأ من 19017، وأنه كان هناك حروب متعددة شنتها إسرائيل ضد الفلسطينيين، وأنه للكيان الصهيوني عمليات همجية وخطط استيطانية نفذها على حساب الحق الفلسطيني، ناهيك عن الانتهاكات والقتل والدمار والخراب الحادث فى المدن الفلسطينية وغزة جراء الاعتداء الإسرائيلي، وأنه من رفض مئات التوصيات والقرارات الأممية ومجلس الأمن إسرائيل وكأنها فوق القانون الدولي وهى بالفعل كذلك بفضل دعم الولايات المتحدة وسياسية ازدواجية المعايير للمجتمع الدولى.
لذا - ظنى - إن بيان وزراء خارجية العرب يمكن البناء عليه للوصول إلى خريطة طريق اتجاه إنهاء الحرب، والوصول إلى مسارات تفاوضية لتغليب لغة الحوار وإحداث تسوية شاملة بإقامة دولة فلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية.