رغم أن الحرب فى غزة غير متكافئة على الإطلاق لأنها بين جيش نظامى مدعوم من أكبر دولة في العالم استخبارتيا وعسكريا وماديا ومن دول غربية تمثل قوى عظمى، ومقاومة فلسطينية تسعى للحفاظ على أرضها وتاريخها وحاضرها ومستقبلها، ورغم أن ننرى مشاهد من القصف الجنونى والعشوائى وأشلاء ودماء للأطفال والنساء، ودمار للبشر ولحجر، إلا أن بحسابات اللحظة الراهنة المقاومة نحو الصمود قادرة ومستمرة، وأن فرص تنفيذ الاجتياح البرى بشكل شامل كما يخطط له مجلس الحرب الإسرائيلى.
بداية.. أعتقد أن سر قوة المقاومة النجاح في تهيئة أهل غزة والمدن الفلسطينية على التحمل وعلى الثبات وانتظار الشهادة من أجل القضية، وهو ما يُساهم بقوة في الصمود، لأن ببساطة ليس لديهم ما يخسرونه، ولأن اعتقاد الفلسطينين أيضا أن الشهادة لا ينالها الا الخاصة منهم، لذلك فهم مهيئون دائما لاستقبال الشهادة أو أي كارثة، وهو ما يُصعب على المُحتل تحقيق أهدافه.
ولأنه لن تنفع الخطط الأمريكية في اجتياح غزة بريا كما تم تنفيذها في العراق لأن داعش شئ والفصائل الفلسطينية شئ آخر، خلاف استعداد الكل فى فلسطين نفسيا وبدنيا وإيمانيا لأن مأساة الفلسطينى كبيرة وممتدة منذ عقود، ونموذجا وائل الدحدوح ذلك الصحفى الذى استشهدت زوجته وابنه وابنته جراء القصف الإسرائيلي ورغم هذه المأساة الصعبة استمر في عمله ولم ينقطع يوما رغم مُصابه الأليم ضاربا المثل والنموذج في التضحية والشرف الوطنى، وذلك بإصراره على مواصلة مُهمته ورسالته الوطنية والمهنية، فهؤلاء هم الفلسطينيون الذين يعلمون العالم كله.. كيف يكون الفداء؟ وكيف تكون التضحية؟ وكيف يكون الدفاع على الأوطان؟
لذا، فإن الفصائل الفلسطينية والمقاومة تمتلك قوة خارقة تدربت عليها عبر عقود من الصراع مع الإسرائليين، لا تمتلكه قوات المحتل رغم طائراتها وصورايخها، وهذا في – ظنى – سبب مهم في تأخير الدخول البرى أكثر من مرة والخوف من سحبهم إلى حروب هم يجيدونها وعلى علم بها تماما، وهو ما يترجم حالة التخبط والخلاف والانقسام بين أعضاء مجلس الحرب الإسرائيلي بشأن موعد وطريقة الاجتياح البرى.
غير أن كل بيت فلسطينى فيه عنصر من المقاومة ما يعنى استحالة القضاء عليها كما حدث مع حركات أو جماعات أو ميلشيات أخرى مثل داعش، لذلك فإن الأمر في فلسطين الأمر مختلف تماما، حيث هناك صراع بدأ منذ 1917، وحروب متعددة تم شنها العدو ضدهم، وحصار خانق عمره عقود طويلة، وممارسات وانتهاكات واستفزازات واعتقالات لم تتوقف يوما، ولم يسلم منها بيت أو عائلة واحدة.
لهذا، لا أعتقد نجاح الاجتياح البرى في تحقيق أهدافه حتى ولو تم تنفيذه، لأن نجاحه يستلزم أن يتم قتل أهل غزة كلهم أو إلقائهم في البحر، وهو أمر مستحيل حدوثه مهما فعلوا وخططوا.
فالقصة - يا سادة - قصة حق مؤكد تاريخيا، ودفاع عن أرض أجداد، وعقيدة وإيمان لأناس ظلموا سنوات وراء سنوات، فظروفهم الصعبة أعدتهم تماما على التضحية.. لذا فالنصر – قطعا - محقق لا محالة مهما طال الزمن، وسيكتب التاريخ أن أهلنا في فلسطين يسطرون أعظم ملاحم البطولة والفداء والإباء في مجابهة أعتى الأسلحة والأساطيل والطائرات بقلوب ملؤها الإيمان يخوضون غمار الموت غير مترددين لأنهم يدافعون عن وطنهم ومقدساتهم ونسائهم وأطفالهم وبيوتهم وأعراضهم.. فاللهم نصرا لأشقائنا فى فلسطين