بعد عملية الاشتباك السياسي التى استهدفت توفير غطاء سياسي للانتفاضة الفلسطينية المقاومة، وعملية الاشتباك الدبلوماسي التى استدعت السفير الأردني لبيان الموقف، وعملية الاشتباك الانساني التى قدمت نموذج الانزال المظلي بتقديم المساعدات الانسانية، يعود جلالة الملك "انتصارا لفلسطين القضية" ليضع الخطوط العامة لمسار ترسيم جملة الاحداث، عبر تحديد الخطوط الحمراء التى يجب على الجميع التقيد بها وعدم تجاوزها، وهى تتمثل بالتصدي لمحاولات التهجير ورفض الحلول العسكرية والقرارات الاحادية والكف عن وضع تصورات غير واقعية للأزمة الفلسطينية فى غزة لأنها جزء من جغرافية الكل الفلسطيني.
وتأتي هذه الجمل السياسية والنظام العربي يستعد لعقد قمته الطارئة فى الرياض والتى تلتئم بعد أكثر من شهر على أحداث غزة، وسط مظاهرات تجتاح العواصم العربية والدولية تنادي بنصرة الإنسان الفلسطيني ووقف عملية العدوان على الشعب الفلسطيني وكبح جماح الة الحرب الاسرائيلية عن غزة، وهي الأصوات التي تعبر عن ضمير الامة كما تناصر الأمم المتحدة وقراراتها الصادرة بإقامة الدولة كما تنادي بضرورة التوقف عن سياسة المكيال المزدوج الذي أخذ يضع تصنيفات للتعامل الإنساني، وحتى القانوني مع ميزان الأحداث السائدة بطريقه خلقت مناخات استفزازية عند جنوب العالم بأسره، وهو ما يجب أن يتوقف ليسود القانون على الجميع دون محاباة اثنية او انحياز عنصري فان قوة القانون اقوى من قانون القوة.
الشعب الفلسطيني الذي ينتفض بالمقاومة المسلحة في غزة من أجل حريته، هو الشعب الفلسطيني الذي ينتفض بالمقاومة السلمية في القدس والضفة، ومع ذلك يتعرض الاهل في غزة لإبادة جماعية كما يتعرض الاهل بالضفة والقدس الى ارهاب عن طريق قطعان المستوطنين بهدف التطهير العرقي والتهجير القسري وفرض حلول بالقوة الجبرية، وهو ما يرفضه الجميع ويجب على الأسرة الدولية والبيت الأبيض إدانته والتوقف عن محاولة شراء الوقت من أجل الانتهاء من العمليات العسكرية فى غزة.
هى الحرب التى راح ضحيتها أكثر من خمسين ألف فلسطيني، بين شهيد وجريح وقامت بتهجير مليون انسان دون وجه حق، وهدمت 750 ألف منشأة وبيت بطريقة وحشية، ومع كل هذا المشهد المأساوي، مازال الحديث يدور بأروقة بيت القرار حول كيفية تقديم المساعدات الإنسانية من دون قرار منصف يستجيب لنداءات الجميع بالوقف الفوري لهذا العدوان السافر، وهو ما جعل كل الحكماء والسياسيين على حد سواء فى جنوب العالم واحرارة من وضع علامات استفهام كبيرة لكيفية إدارة الأمور فى جملة التعاطي مع الأحداث وهى اسئلة مشروعة وشكوك فى مكانها زعزعت ميزان الثقة بين بيت القرار واصحاب الراى فى جملة البيان وحواضنها السياسية.
ان الأردن وهو ينتصر لفلسطين القضية إنما ينتصر لصوت العدالة على حساب صوت القوة، و ينتصر للقانون وسيادته على المحاباة الاثنية، كما ينتصر لرسالة السلام وفحواها التى من الصعب ترسيمها بالقوة الجبرية والاضطهاد العنصري والتهجير القسري، فإن السلام يبدأ بالقبول وقواعد الأمان تستوجب المشاركة، والتنمية تسترعي الاعتراف بالحقوق المشروعة، من هنا يأتي وحى بيان الموقف العام .