بعد أن عاثوا في شمال القطاع فسادا وإجراما ، قتلوا الخدّج ، جوّعوا الاطفال، قطعوا الماء والكهرباء ، قصفوا المدارس والمساجد والمستشفيات ، سرقوا الجثث ، ألفوا القصص في الشفاء والرنتيسي ، ذاقوا خسائر لم يشهدوها من قبل، هُزموا شر هزيمه ، أُسروا في دباباتهم فلم يستطيعوا إن يخرجوا منها حتى لقضاء حاجه ، واجهوا اشباحا كانت تدخل عليهم من فوهات مدافعهم وتقرع عليهم ابواب ناقلاتهم فمن لم يمت منهم بتفجير مات رعبا أو عاد مجنون . فاستجدوا الهدنة استجداء ، وقالوا انها نتيجة للضغط العسكري وحقيقة هى رحمة للجندي المضغوط ، فاستراحوا بضعة ايام ثم مالبثوا ان عادوا ولكن الى مكان غير المكان لاعتقادهم إن تغير الأرض والدفع بقوات جديده تعطي نوع من المعنويات المنهارة ولكن الجنوب سيكون الأصعب ، رغم ان القصف عليه أشد وأعنف وعدد الشهداء اليومي اكبر ، فهم الان تحت ضغط الوقت ، فهم يريدون إنهاء العملية بأسرع وقت ممكن لتجنب الخسائر بين جنودهم ، من ناحية والزمن الذي اتفقوا عليه مع الولايات المتحده من ناحية أخرى، وضغط المقاومة الجنوبية التي لم يدخل معظمها في حروب الشمال وهم متأهبين ومنتظرين الانقضاض على اهدافهم بجميع الوسائل التي اعتدنا عليها والمبتكره .
رئيس وزرائهم يريدها حربا طويلة ليتأخر عن محاكمته قدر الإمكان متمنيا إن تتورط فيها دولا أخرى لتصبح حربا أوسع في الاقليم ليختبأ وراء تلك الأحداث ، وزير دفاعهم يريدها حربا عنيفة وقوية تسيل فيها دماء وتتهدم فيها بيوت ليظهر قوته بردة الفعل على هجوم السابع من أكتوبر، علما بأنه على خلاف حاد مع رئيس الوزراء ، وزير اخر يقوم بتسليح المستوطنين يريدها حرب عصابات وآخر يريد أن يتعقب قيادة حماس في تركيا ولبنان وقطر ، رئيس أركان الجيش يريدها قصيرة وبأقل خسائر ، اذن هى نوع من الحرب الداخلية تنعكس على الحرب في غزة ، جميع الاطراف يتبارزون في قتل الأطفال والنساء ، غير منسجمين لا مع أنفسهم ولا مع بعضهم ، (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ... ) .
الولايات المتحدة الأمريكية جاهزة للتدخل عسكريا على الأرض بأي لحظة ومتأهبة خوفا من هزيمة ربما تكون أكبر من السابع من أكتوبر ، وبدأت فعليا بريطانيا بتسيير طائرات استطلاع بحجة البحث عن ادلة على أماكن وجود الرهائن الموجودة لدى المقاومة اذاً البحث عن المقاومة ، وهذا الاستطلاع يشي بأن بريطانيا ايضا قد تساند قوات الاحتلال في المعارك على الأرض لعدم ثقتهم بجيش الاحتلال بأنهاء المهمة المعلنة والمستحيلة.
المقاومة ثابته ومازالت تملك أساليب الدفاع وأدواته ، موحدة بجميع فصائلها ، متماسكه ومتمسكة بهدف المقاومة إن سلِموا من الخيانةِ سلِموا ، وإن لم يُطعنوا بالظهرِ غنِموا .
إن أهداف الحرب المعلنة من قبل إسرائيل وهي إعادة الرهائن بقوة النار ، وإنهاء حماس والمقاومة ، هي مهمة مستحيلة عن طريق الحرب ، فخلال شهرين من القتال لم تعد رهينه الا بالتفاوض ، ولأن المقاومة فكرة وبذور زرعتها الحرب الابشع منذ عصور ستنبت من تحت الارض التي روتها دماء الأبرياء سنابل حرية ، وسيكون الضيف القادم سنوار .