2024-12-25 - الأربعاء
التلفزيون الأردني يدفع 10 آلاف دينار شهريا فواتير كهرباء لمحطة متوقفة منذ 15 عاما nayrouz الأردن.. تأجير قطعة أرض بقيمة 36 دينارا سنويا nayrouz أردني يعود إلى الحياة...بعد بقائه 4 ساعات في ثلاجة الموتى nayrouz السرحان يكتب :نحو عهد جديد : آفاق إيجابية بين الحكومة ومجلس النواب nayrouz فالنسيا يتعاقد مع كوربيران لإنقاذ موسمه في "الليغا" nayrouz الخوالدة والخريشا نسايب...مبارك للشيخة نجود والأستاذ مهند ...صور وفيديو nayrouz المستشار الثقافي اليمني يحضر افتتاح معرض التراث الدولي بالجامعة الأردنية nayrouz تهنئة الطوائف المسيحية بعيد الميلاد المجيد في محافظة البلقاء nayrouz العيسوي يرعى احتفال نادي ضباط متقاعدي عمان باليوبيل الذهبي لتأسيسه...صور nayrouz انفعال على الهواء.. يونس محمود يواجه مقدم برنامج عراقي والاتحاد يرد ببيان شديد اللهجة nayrouz تقنية جديدة تكشف تدهور وظائف الرئة مبكرًا باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي nayrouz ناجحون في الامتحان التنافسي بمختلف التخصصات .. أسماء nayrouz الحكومة السورية تغير أسماء جامعتين nayrouz منيف نغيمش شهاب العتيبي: الابتكار في عالم الأعمال nayrouz السلطات السورية تعلن إحراق نحو مليون حبة كبتاغون nayrouz توقف تلفريك عجلون عن استقبال الزوار بسبب الظروف الجوية nayrouz هيئة الأوراق المالية تشارك باجتماعات لجنة الأسواق الناشئة والنامية nayrouz وزير الزراعة ونظيره المصري يطلعان على مشروعات زراعية في مصر nayrouz البنك المركزي ..خطوات لتعزيز استدامة قطاع التأمين وحماية حقوق المواطنين nayrouz الأردن.. موظف مدان بجرم استثمار الوظيفة ما زال على رأس عمله nayrouz
وفيات الأربعاء 25 / 12 / 2024 nayrouz الحاج جمال خليفه العبد الله الزعبي "ابو محمد" في ذمة الله nayrouz الخطاطبة ينعى وفاة غسان التلهوني nayrouz وفاة المربية فاطمه عقله دلمه المطني "ارمله المرحوم ضيف الله فرحان العدينان" nayrouz العقيد المتقاعد خالد محمود هياجنــــــــة "ابو جعفر" في ذمة الله nayrouz وفيات الأردن اليوم الثلاثاء 24-12-2024 nayrouz وفاة الدكتور الجراح باب الطالب. nayrouz الرائد احمد عطالله رضوان الغليلات في ذمة الله nayrouz النقيب علي زيد مناصرة في ذمة الله nayrouz حادث تصادم في إربد يودي بحياة شخص ويصيب 14 آخرين nayrouz الحاج محمود احمد زعل ابوزيد "ابوحمزه" في ذمة الله nayrouz وفاة عم النائب السابق خالد الشلول nayrouz وفاة دهسا و4 اصابات بحوادث على طرق داخلية وخارجية nayrouz وفاة 5 أطباء أردنيين خلال أيام معدودة nayrouz وفيات الأردن اليوم الإثنين 23-12-2024 nayrouz يوسف محمد الهزايمة" ابو احمد " في ذمة الله nayrouz الشاب مجدي رائد الغواطنه الجحاوشه في ذمة الله nayrouz وفاة الفنان الأردني القدير هشام يانس nayrouz وفاة صالح فواز ابو الزيتون " ابو غازي" nayrouz العقيد المتقاعد زيد سالم خضر ابوزيد في ذمة الله nayrouz

جميلة عويصي السرحان تكتب: فصلُ الشتاءِ يحتل زاويةً حميميةً في ذاكرتنا .

{clean_title}
نيروز الإخبارية :

هي ايّام الحليب الطازج الساخن صباحاً ، وتجمعنا حول موقد نار الحطب ودموعنا تتسايل من شدة دخان الحطب فتعشقه ملابسنا .
ووالدنا يعدّ القهوة ، فينهض ويرمي بفروته الصوفية ليضعها على ظهورنا خوفاً علينا من البرد ، فنأخذ وننظر الى بَعضُنَا بحبّ كبير ونتراص حتى تتسع لنا جميعًا ، فنأخذ ونتقاسم الخبز ونشرب الحليب مسرعين لأن الباص سيمرُ مبكراً وعلينا أن نسير لنصل الى (طريق الأسفلت) لنركب لنذهب إلى المدرسة حيثُ كان الباص الوحيد آنذاك .
فيأخذ كلّ منا بحذائه فيلبسه اذ كانت حينها (الجزمة البلاستيكية) فرحتنا الكبرى ، فنسرع وفِي طريقنا تلك المياة المتجمعة هنا وهناك ، نأخذ ونقفز بها لتطرطش بذرات مائها العذبة على وجوهنا ، ونحن نتراكض وننشد بفرح طفولي "عشتي وزيدي بيتنا حديدي..عمنا عبدالله ورزقنا ع الله” ، فنكررها مرارً وحين تتساقط ذرات صغيرة من المياة يصرخ أحدنا وهو يقفز (والله ردت علينا ، نعم ردت علينا)..يا لتلك البراءة.

الى ان نصل الى طريق الأسفلت الذي أخذ يلمع بوميض ساحر من تساقط حبات المطر ، فنركب الباص ونبقى واقفين (فلا بأس علينا المهم أن نصل للمدرسة فالمسافة بعيدة جداً من بيت الشعر الى المدرسة في منطقة أخرى).
فإذا بفيروز تطرب لها الأسماع تغني ” شتي يا دنيي تيزيد موسمنا و يحلى.. وتدفق مي و زرع جديد بحقلتنا يعلى .. ”

فتأخذنا نظراتنا إلى الخارج من خلف زجاج شباك الباص، فإذا بالمياة قد ملأت الشوارع ، وهناك عند محطة البنزين القديمة ، قد أصطف الناس وجالوناتهم معهم إذ تفوح منها رائحه الكاز ، تلك الجالونات الحديدية ذات اللون الأخضر الجيشي ، والرجال قد لبسوا ذاك (الكبوت الطويل ذَا اللون الأخضر الجيشي الفوتيك) والشماغ الأحمر وقد تلثموا من البرد ، ووضعوا طرفيه بعقالهم من الأعلى ، فتشعر بالقوة والجأش لتكبر وتلبسه وتضع العقال على رأسك كما هم ، الذي يشعرك بأن هناك من يرعاك بعد الله ..

وهناك حين نصل الى المدرسة ، نتقافز هنا وهناك مع البقية لعلنا نجد تجمعاً للمياة ، لنلعب بجزماتنا ولنُري أصحابنا بأنها لا تبلل ملابسنا مع تلك الضحكات البريئة ..
نصطف على الطابور المدرسي ولو نظر أحد من مستوى عالٍ قليلاً ، لرأى كل ألوان الكون قد لبسناها ، فكأنها حديقة أزهار أنبتت أجمل الألوان . وما هي إلا لحظات وتدخل المعلمة علينا فنحييها بتحية ( الدنيا برد الدنيا برد ..ست نوفه عّم تقطف ورد ) ،فتأخذ المعلمة بسؤالنا : بردانين ؟ فنرد عليها بصوت عال : نعم فتأخذ وتقول : (يلا الكل يفرك أيديه واتحركوا وأنتو واقفين ).
فتملأ نفوسنا الفرحة ونحن ندفئ أيدينا ونضعها على وجوه بعضنا ثم نبدأ درسنا بفرح وسرور غامرين.

بردٌ مطبقٌ يجعلنا نهرول الى بيوتنا ، وقد إحمرت خدودنا وأنوفنا من البرد ، ولكننا ما زلنا نغني (عشتي وزيدي بيتنا حديدي..عمنا عبدالله والرزق ع الله) ، وننظر الى السماء والى تلك الغيوم وهي مسرعه فنأخذ ونسابقها وحين تنزل بعض حبات المطر ، نأخذ ونفتح أفواهنا وأيدينا الصغيرة للسماء ونحن نركض ونضحك بصخبٍ طفولي ، ونقول (لقد شربنا.. نعم شربنا..) .

وحين نصل تكون شوربة العدس (صديقة الشتاء الأزلية ورفيقته ) ، قد أُعدت ساخنة ، فيأخذ كل منا بصحن ويفتُ فيه بعض الخبز ، فيدفئ أوصالنا التي بردت من غير أن نشعر ، كانت تكفي وتُشبع.

ثم نذهب لمساعدة والدنا في وضع العلف للأغنام ، او ربط بعض (البهم ) ، او عزل البعض في ( الصيرة ) لوحده ، الى مغيب الشمس ، فنبدأ بأداء واجباتنا المدرسية وقد أشعلت والدتنا لنا الفانوس ، وتتجمع العائلة حول موقد النار وهي تستمع الى نشرة الراديو ، في انتظار البيان الهام ، فيعلن المذيع بصوته الجهوري ذاك عن عاصفة ثلجية قادمة وتستمر لعدة ايّام ، فيعلو الضجيج ، لكننا نسرق أنفسنا الى (الوهده ) وهي مكان نومنا ، وعلى فراشنا نتقافز فرحاً بعطلة قادمة ، في حين يقبل الرجال من الجيران (قصرانا) فيتدارسون الأخبار ، ويخبرون بعضهم بحدسهم وخبرتهم بالطبيعة ، وماذا يتوقعون وماذا عليهم أن يفعلوا.
أما الأم فتطمئن على اطفالها ، وتخفي حماسها بوقار كبير.

في تلك الليلة شعرنا بهدوء كبير لكننا لم نعلم ما سببه ،في حين بقي الأب متيقظاً ومتفقداً لاغنامه ، فيحضر بعض صغارها ويضعها في البيت بالقرب من النار ، وبعضه الآخر يدفئه في الفراء ، والام بقيت متيقظة ، متفقدة للبيت وأعمدته ، وأروقته ونواجيه (الناجي) "وهو تلك القناة التي تحفر حول البيت من الداخل والخارج لتمنع دخول الماء الى الداخل ” ، وتحافظ على الحطب من البلل من الماء.

ليلٌ طويلٌ على الوالدين ، وفي الصباح يصحو الجميع على هدوء غريب ، فالسكون يعلو فوق كل الأصوات ، والابيض يهزم كل الألوان.
كان البيت مضيئاً وكأن نورًا خفيفاً كان يملأه .
فننهض متلهفين ، لنرى منظراً لم ننساه أبداً ، فبيت الشعر الأسود قد أصبح أبيضاً بكامله ، وتلك الحبال المرتخية قد اشتدت وابيّض لونها ، وكومة الحطب التي بجانب البيت لم نعد نراها ، وبراميل المياة قد بانت اطرافها ،
والأغنام واقفه تنفض اطرافها وتنظر للسماء وكأنها تشكرها على هذه النعم ، ثم تسرع الى معالفها حين اشتمت رائحة العلف ، بإجراسها وقراقيعها ومراييعها.

فنلتفتُ الى معاطفنا الملونة وقبعاتنا المضحكة فنرتديها ونحن نغني ( أبو طربوش أحمر منقوش بست قروش يا بلاش) ثم نذهب لمعاونة أبينا ، وتفقده للأغنام وخرافها الصغيرة ، وأيدينا وخدودنا وأنوفنا تحمر من البرد لكنّا لا نشعر به لفرحتنا بالثلج الأبيض.

لم نكن نعرف رجل الثلج ولا اللعب بالثلج ، وإنما كنّا نسرع لإزالة الثلج عن بيت الشعر مع والدتنا ، وتدفئة الصغار من الأغنام بجانب موقد النار ، ووضع العلف في المعالف بعد ازالة الثلج عنها ، والكل يستمع الى صوت الراديو ومازن القبج فنسمع أغنية( محلا الدار والديره ونبع الفــــــــوار ) وكلمات الشاعر سليمان عويس:
صباح الخير عأهل الخير أهلي ولمة الأحباب..
صباح الخير عالزارع وعالصانع على الطلاب والعسكر..
صباح الخير عالتلة وعالوادي..
على الطيون واللزاب..
كلمات تدفع بك إلى الأمام وتشحذ الهمم .
سقا الله أيامنا أيام زمان ، إذ كانت السعادة فيه على أطراف أرواحنا متاحةً ، وسهلة المنال.

كلّ حدثٍ كان له رونقه ، فكانت الثلجة تاريخُ ميلاد وعدادٌ للسنوات ، إذ كان الثلج دافئاً حتى لو وصلت برودته إلى أوصالنا ، فينزل بصمتٍ يملأ الأرجاء ، فينشر الهدوء والنقاء ، حين كان كلّ شيء أبيض.