لقد كان عام 2023 عاما مُتخما بالمعاناة الهائلة والعنف والفوضى فيما يتعلق بقضايا جُل كثيرة.
فالإنسانية تتوجع ألما وكوكبنا تتهدده الأخطار.وعام 2023 هو أكثر الأعوام المسجلة ارتفاعا في درجات الحرارة.
وهنا يقف العالم على أعتاب عام 2024 بترقب وحذر، وربما القليل من الآمال المعقودة على انفراجات محتملة. نشرات الأخبار لا تحمل ما يسر القلوب. فالربع الأخير من عام 2023 مدموغ بحرب هي الأطول والأكثر دموية على قطاع غزة. حرب لا شك ستحمل المنطقة والعالم أوزارها الإنسانية والسياسية والاقتصادية لأعوام كثيرة مقبلة.
وهنا نستشرف مستقبلا غامضا للشرق الأوسط وبعيداً عن أوكرانيا وحربها التي طالت في عام 2023 ، هذا الصراع بين إسرائيل وغزة والذي يمثل جبهة أخرى مهمة في الشرق الأوسط ، حيث تشير الطبيعة المطولة للهجمات الإسرائيلية في غزة إلى استمرارها ، الأمر الذي يهدد بسقوط المزيد من الضحايا المدنيين واحتمال انتشار الصراع إلى الدول المجاورة. وفي الوقت الذي قد تحقق فيه إسرائيل انتصارات عسكرية، فإنها قد تواجه خسائر استراتيجية على المستوى الإقليمي. ويهدد الصراع المطول الأسس التي أرساها التطبيع كما يمكن بعد الحرب أن تشمل استراتيجيات إسرائيل الأمنية المتوسعة سوريا والعراق ، وهذا قد يزيد بدوره من التوترات مع إيران ولا ننسى دور الولايات المتحدة الأمريكية ودور تركيا المتشابك ، وهنا نسأل الله السلامة للمسلمين .
لكن وبالرغم من هذه الصراعات والحروب فلقد شهد العام الفائت 2023 قفزات هائلة في مجالات علمية كثيرة ، أبرزها الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية وتأثيرهما في حياة الأفراد وسلوك المستهلكين .
وحينما نتجول في طرقات وأزقة عام 2023 نجد الناس تطحنهم رحى الفقر والجوع المتزايدين والحروب تزداد عددا وشراسة والثقة نادرة الوجود.
لكن يا أعزائي لا فائدة ترجى من الإشارة بأصابع الاتهام أو تصويب البنادق ، فالإنسانية تكون في أقوى حالاتها عندما نتساند فنتمنى أن يكون عام 2024 عاما لإعادة بناء الثقة واستعادة الأمل ، كما هي أمنيات أهل غزة في انتهاء الحرب وتوقف شلال الدم النازف ، وعودة النازحين إلى منازلهم التي أجبروا على النزوح منها.
أما نحن والإنسانية جمعاء علينا أن نمد جسور التلاقي فوق الانقسامات للتوصل إلى حلول مشتركة من أجل التعامل مع مشاكل المناخ ، ومن أجل إتاحة فرص اقتصادية وإقامة نظام مالي عالمي أكثر عدلا يعود بالفائدة على الجميع.
وعلينا أن نقف معا ضد التمييز والكراهية اللذين يُسممان العلاقات بين البلدان والمجتمعات ، وأن نكفل أن تكون التقنيات الجديدة مثل الذكاء الاصطناعي قوة من أجل الخير والسلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان.
دعونا نعقد العزم على جعل عام 2024 عاما لبناء الثقة والأمل في كل ما يمكننا تحقيقه معاً.
يقول الله تعالى في محكم تنزيله { يأتي من بعدِ ذلكَ عامٌ فِيهِ يُغَاثُ الناسُ }..
فاللهم اجعله عاما تُغاث فيه قلوبنا بالعوض والجبر واجعله يا رب عاما تفرَّج فيه الكربات على الإسلام والمسلمين في غزة والسودان واليمن وسوريا ولبنان وكل بقاع الأرض.
أدام الله السلام والأمان على الأمتين العربية والإسلامية
وحفظ بلادنا الأردن الحبيبة ومليكنا المفدى من كل أذى وأطال الله في عمره وحفظ جيشنا وأجهزتنا الأمنية على الدوام.
أتمنى لكم سنة جديدة مفعمة بالسعادة والسلام والخير والبركة.