ستكون واشنطن في وضع حرج جدا اذا اصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي منطوق حكم إجرائي يوم الجمعة القادم يقضي بوقف إطلاق النار في غزة، حيث سيكون ليس بمقدور واشنطن في حينها التملص دبلوماسيا عندما يتحول قرار المحكمة الدولية من لاهاي الى نيويورك لإصدار قرار ملزم من مجلس الأمن مشفوع بقرار المحكمة الدولية، عندها لن تستطيع واشنطن الا احترام المؤسسات الدولية والسلطة القضائية فيها مهما كانت الدوافع السياسية التي تقف وراءها تل ابيب بإسناد من واشنطن.
لاسيما وان الورقة التفاوضية التي يجرى الحديث حولها وعليها ستكون أفضل لاسرائيل من قرار المحكمة الدولية التي ستذهب باتجاه إصدار قرار وقف اطلاق النار، أما أرضية العمل التفاوضية فإنها تقوم على الرؤية الأردنية بالحل الدبلوماسي التوافقي القاضية بالدخول بهدنة طويلة تفضي لوقف إطلاق النار يتم عبرها تبادل الأسرى بالمعتقلين وهو ما يتم الحديث عنه في الكرادورات التفاوضية الجارية التي مازالت حاضرة لكن دون إعلان النتائج.
هذا التحرك الدبلوماسي النشط يتوازى مع حراك ميداني عنيف في خانيونس وحي التفاح بعد الهجوم البري العنيف على مركز غزة القطاع والتصدي البطولي للمقاومة الفلسطينية الموحدة بمشاركة قوات الاقصى كما بقية الفصائل في مقاومة المحتل الذي يسعى للاحتلال والتهجير فبما يقف الكل الفلسطيني في القطاع للدفاع عن مشروع الدولة الفلسطينية وتصدى لمحاولات التصفية والتسوية ووقف النماذج العسكرية التي لن تحقق للمنطقة الا مزيدا من العنف والتدمير وستقوم لتعطيل كل آفاق العلاقات التطبيعية بين الكيان الاسرائيلي ومحتواه العربي.
وهو المعطى الذي لا يخدم مصلحة الرئيس جو بايدن معركته الانتخابية التي سيواجه فيها "ترامب -و- كيلي" بعد انسحاب حاكم فلوريدا دي سانتوس المتوقع من الحلبة الانتخابية المشتعلة للفوز بورقة الترشح للحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية القادمة، الذي سيكون في مواجهة جو بايدن مرشح الاجماع الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية القادمة التي ستجرى في نوفمبر تشرين ثاني القادم لاسيما وأن القضية الفلسطينية أصبحت تشكل أيقونة الحرية.
وهو ما جعلها تؤثر بشكل مباشر على جمهور الناخبين فى الحاضنة الانتخابية للحزب الديمقراطي الذي تقوم عقدة الرابط فيه على أساس المواطنة التي يتوافق عليها اليهود والمسلمين والكاثوليك والارثوذكس كما بقية الملونيبن في إطار قيم الديمقراطية والليبرالية وحق الشعوب بتقرير المصير الذي يقف عليه الحزب الديمقراطي في رسالته تجاه جمهور الناخبين الأمر الذي سيجعل البيت الابيض من القيام برفع الغطاء السياسي عن الأحداث الجارية في غزة والتخلي عن فكرة إنشاء قاعدة أمريكية من البوابة الإسرائيلية والحديث عن الوصول إليها من البوابة الفلسطينية !! وهي نتيجة كانت بعيدة لكنها متوقعة.
وفي انتظار عملية الاصطفاف في القنوات الدبلوماسية او اعلان واشنطن كما هو متوقع من وصول الاطراف المتعاركة لتفاهمات تفاوضية تحمل نتائج وقف إطلاق النار بقوات دولية تبقى القضية الفلسطينية ورقة متحركة يمكن استغلالها دائمة في تأجيج حال الصراع بالمنطقة، وهو ما يجب الانتهاء منه عبر اعتراف أممي بالدولة الفلسطينية وإسقاط جملة القوات الدولية التي تريدها إسرائيل لضمان امنها حول زنار غزة لتكون هذه الجملة الأممية حاضرة على امتداد خطوط التماس الفلسطينية بالقدس والضفة، وهي النتيجة التي ستؤدي لبناء علاقات طبيعية بين مجتمعات المنطقة التي ستقوم نتيجتها بحسم بطاقة الرئاسة القادمة ودعم حملة الرئيس جو بايدن الانتخابية وهو ما يجعل المنطقة تعيش اجواء ترقب ومناخات تحرك و حراك..