حرب المسيرات التي تشنها الفصائل المسلحة الموالية لإيران في سوريا والعراق باتت مقلقة للولايات المتحدة، فجنودها وقواعدها في المنطقة المدعومة بمنظومة دفاع متطورة وتحت رقابة أقمارها الصناعية لم تحصنها بما يكفي على ما يبدو، كي لا تبقى هدفاً لأسراب المسيرات الإيرانية الرخيصة والصغيرة الحجم.
فمنذ 19 أكتوبر الماضي شنت تلك الفصائل 112 هجوما سواء بالصواريخ أو المسيرات على القواعد الأميركية داخل الأراضي السورية، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
فيما وقع أحدث تلك الهجمات مساء أمس السبت، حيث شنت الميليشيات هجوما صاروخيا على القاعدة الأميركية بحقل العمر في دير الزور شرق سوريا.
إلا أن الدفاعات الجوية التي حاولت التصدي لتلك الصواريخ لم تتمكن من إسقاطها. وجاء هذا الاستهداف الجديد للقاعدة بعد وقت قليل من هجوم مماثل على قاعدة أميركية بحقل كونيكو للغاز.
التسلل والتخفي ونظراً لتسارع حدة الصراع غالباً ما تستخدم الطائرات الانتحارية بكثافة في النزاع السوري، من قبل العديد من الأطراف الدولية والفصائل المسلحة والميليشيات في عموم البلاد.
إلا أن التصدي لهذه المقاتلات الصغيرة بدون طيار تنطوي على تحديات جمة، وفق ما أوضح العميد الركن "أحمد الرحال" عكس نظيراتها الكبيرة التي يمكن إسقاطها بالتقنيات التقليدية المضادة للطائرات.
كما أضاف في حديث لـ"العربية.نت" أن منظومة الدفاع الأميركية يمكنها إسقاط تلك المسيرات لكنها تواجه عدة صعوبات منها رؤية هذه الطائرات بالعين المجردة من مسافات قريبة، وبالتالي غير قابلة للكشف بواسطة رادارات الدفاع الجوي المصممة للكشف عن المقاتلات الكبيرة الحجم والسريعة.
كذلك نوه إلى أن بعض هذه الرادارات وإن كانت أنظمتها فعالة ضد المسيرات الصغيرة، إلا أن تكلفتها مرتفعة".
وبحسب تقارير صحافية لخبراء عسكريين فقد قدروا تكلفة صاروخ باتريوت الواحد منها ما يقرب المليون دولار في حال استخدمت لإسقاط طائرة من دون طيار لا تتجاوز تكلفتها 500 دولار.
"مسافات قريبة" إلى ذلك، بين "الرحال" أن هذه المقاتلات إن اكتشفت فمن مسافات لا يمكن التعامل معها. وقال: "في حال رؤيتها الوقت الذي يستغرق إبلاغ الجنود لمنظومة إدارة النيران ضرب الهدف تكون فرصة للمسيرة لتنفيذ مهمتها بنجاح على الرغم من أن التكنولوجية المستخدمة في صناعة هذه الانتحاريات غير معقدة، إلا أنها تتميز بقدرتها على التحليق في مرتفعات منخفضة وإن رصدت فهي تكتشف في المراحل الأخيرة مما يصعب استهدافها وبالتالي إسقطاها".
من جهته، رأى "أحمد أمير" الباحث في الشأن الإيراني أن الضغط الأمني على المنطقة التي تقع فيها قاعدة التنف، في محافظة حمص عند المثلث الحدودي السوري العراقي الأردني المضطرب أمنياً، لا يمكن إنكار أثره في تشتيت المنظومات الرادارية الراصدة، موضحاً أن ذلك ربما يؤثر على سرعة رصد هذه المنظومات للهدف الجوي المعادي عند اقترابه.
وقال في تصريحات: "تستغرق وقتا أكثر من اللازم لتنبيه القيادات والعناصر البشرية بمواجهة تهديد جوي، خاصةً وإن كان التهديد هو مسيرة شاهد 107".
كما أضاف قائلا:" أول ملاحظة تتبادر إلى الذهن عند سماع اسم هذه المسيرة، هو اتهام واشنطن وتأكيد مصادر أمنية على مواصلة إيران تصنيع مسيرات شاهد لاستخدامها في حرب روسيا وأوكرانيا، وإذا أمعنا النظر في مواصفات تلك المسيرة، نجد أنها مزودة بتقنيات متطورة وضرورية لضرب أهداف ذات قيمة، فهي مزودة بتقنيات تمكنها تحديد منظومات الصواريخ المتعددة الأميركية والبريطانية التي يستخدمها الجيش الأوكراني في الحرب، وتدفعنا هذه الملاحظة الهامة إلى إدراك تفوق هذا الطراز المتطور من المسيرات الإيرانية على المنظومات البريطانية والأميركية المتطورة أيضاً والمرسلة حديثاً إلى أوكرانيا".
وحول امتلاك القواعد الأميركية في سوريا بصفة عامة وقاعدة التنف بصفة خاصة لمعدات ومنظومات دفاع جوي محدثة أكد الأمير تزويد القواعد الأميركية بهذه المنطقة، بمنظومات دفاعية مثل "ثود" التي ثبت إخفاقها أكثر من مرة خلال العقد الماضي في عدد من الأحداث الشهيرة وتدني مستوى كفاءتها عن منظومة إس 400 الروسية.
يذكر أن أواخر الشهر الماضي تعرضت قاعدة الدعم اللوجيستي عند البرج 22 شمال شرقي الأردن، إلى هجوم من قبل فصائل مسلحة عراقية أدى إلى مقتل 3 جنود أميركيين وإصابة 34، ما دفع الجيش الأميركي إلى تنفيذ عدة ضربات لاحقا على مواقع لتلك الفصائل في سوريا والعراق.
ومنذ تفجر الحرب في قطاع غزة بين إسرائيل وحركة حماس يوم السابع من أكتوبر الماضي، تصاعدت الهجمات على القوات الأميركية في البلدين، إذ بلغت أكثر من 165 هجوماً بالصواريخ والمسيرات المتفجرة