تسيطر أجواء "الهستيريا الحربية" على الكيان المحتل بدون أدنى تفكير في تبعاتها الخطيرة، وذلك عند معاداة الضغوط الدولية بتهديد مواصلة العدوان ضد قطاع غزة، واجتياح رفح جنوباً، وتقييد دخول المصلين للمسجد الأقصى المبارك خلال شهر رمضان الفضيل، بما يشي عن إعلان حرب جديدة في الضفة الغربية، فضلاً عن إغلاق باب التقدم في مفاوضات تبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية.
وبالرغم من عدم حدوث أي تغيير في موقف الاحتلال منذ آخر زيارة أميركية؛ فإن واشنطن ترسل مبعوثها للمنطقة مجدداً في إطار محاولات إنجاز "صفقة" تبادل للأسرى، والتي لا تتقدم لأن رئيس حكومة الحرب، "بنيامين نتنياهو"، يرفض وقف إطلاق النار والانسحاب الكامل من غزة، حيث ينوي الاحتلال إبقاء تواجد له بالقطاع بعد انتهاء الحرب.
ومن المتوقع أن يصل المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط، "بريت ماكغورك"، للقاهرة خلال الأيام المقبلة، لبحث ملفي"صفقة" تبادل الأسرى ومحاولة إحراز تقدم نحو التوصل لاتفاق، وقضية تهديد الاحتلال باجتياح رفح وتنفيذ عملية عسكرية واسعة في المدينة، والذي يثير قلقاً عربياً إقليمياً وأميركياً وأروبيا من تبعاته الجسيمة.
ويصر "نتنياهو" على تحميل حركة "حماس" مسؤولية عدم تحقيق تقدم في مفاوضات تبادل الأسرى، بالتزامن مع مسعى تفريغ "رفح" تمهيداً لاجتياحها، وطرح إمكانية عودة الفلسطينيين إلى وسط القطاع وشماله، بما يكشف عن مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة والذي يتحكم بالعقلية الصهيونية في سبيل انتهاز أي فرصة متاحة لتنفيذه.
وعلى وقع قصف غزة الذي لا يهدأ؛ يتعمد "نتنياهو" بإشعال الضفة الغربية، عند الرضوخ للضغوط التي مارسها الوزير في حكومة الاحتلال، المتطرف "ايتمار بن غفير"، وخلافاً لتوصية الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، بتقييد دخول الفلسطينيين من الأراضي المحتلة 1948 والقدس المحتلة، للمسجد الأقصى خلال شهر رمضان الفضيل.
ويتجاهل "نتنياهو" التحذيرات الدولية والداخلية من تبعات قراره الذي قد يؤدي إلى انفجار الأوضاع في الضفة الغربية، لاسيما القدس المحتلة، وحدوث اضطرابات واسعة بين فلسطينيي 1948، في ظل مسعى "بن غفير" إلى فرض قيود واسعة على دخول جميع الفلسطينيين للمسجد الأقصى، تبعاً لمعارضته السماح لسكان الضفة الغربية بدخول المسجد بحجة تأييدهم لمعركة "طوفان الأقصى" بشكل واسع.
وطبقاً لوسائل إعلام الاحتلال؛ فإن الإدارة الأميركية، وأجهزة أمن الاحتلال، يشعرون بقلق بالغ من أن المتطرف "بن غفير" يسعى لإثارة التوترات في المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، ما يهدد بصب مزيد من الزيت على النار على الوضع في المنطقة مع استمرار العدوان ضد غزة، ومزيد من تصعيد الوضع في القدس والضفة الغربية المحتلتين، فيما تسعى الولايات المتحدة إلى احتوائه.
ونقلت القناة "12" الإسرائيلية، عن مسؤولين أميركيين و"إسرائيليين"، القول إن الولايات المتحدة تشعر بالقلق من قيام "بن غفير" باقتحام الحرم القدسي الشريف، مرة أخرى، خلال شهر رمضان، حيث سبق وأن اقتحم "الأقصى" 3 مرات، منذ أن أصبح وزيراً في 2022، مما أثار الكثير من التوترات والصدام مع الفلسطينيين، وسيلاً من الإدانات في جميع أنحاء العالم، باعتبار ذلك جزءاً من خطته لتغيير الوضع الراهن في المسجد.
وتواصلت ردود الفعل الفلسطينية المندّدة بالقرار؛ إذ اعتبرت حركة "حماس" أنه "إمعان في الإجرام الصهيوني والحرب الدينية التي تقودها مجموعة المستوطنين المتطرفين في حكومة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، والانتهاك لحرية العبادة في المسجد الأقصى، ما يشير إلى نيّة الاحتلال تصعيد عدوانه على المسجد الأقصى خلال شهر رمضان".
ودعت الحركة أبناء الشعب الفلسطيني إلى رفض القرار الإجرامي، ومقاومة صلَف وعنجهية الاحتلال، والنفير وشد الرحال والرباط في "الأقصى"، محذرة من أن "المساس بالمسجد أو حرية العبادة فيه، لن يمر دون محاسبة، وستبقى القدس والأقصى، بوصلة الأمة وعنوان حراكها وانتفاضتها المباركة، وانفجارها في وجه الظلم والصلَف والعدوان".
وبالمثل؛ حذرت حركة الجهاد الإسلامي، من المخططات العدوانية التي تعد لها حكومة الاحتلال بخصوص تقييد وصول المصلين إلى المسجد الأقصى المبارك خلال شهر رمضان القادم.
وأكدت أن هذا التقييد "يشي بأن حكومة العدو قد وضعت المسجد الأقصى في دائرة الاستهداف المباشر، ضمن خطة تهجير وتهويد ممنهجة تسعى إلى تنفيذها وفرضها في إطار حرب الإبادة والتطهير العرقي المستمرة ضد الشعب الفلسطيني في غزة".
وأكدت بأن استهداف العدو "للأقصى" يمثل عدواناً ضد الأمة العربية والإسلامية ومقدساتها، داعية الشعب الفلسطيني، وأبناء الأمة العربية والإسلامية إلى التحرك على كل المستويات وبكل الوسائل، دفاعاً عن مقدساتهم في الأرض المحتلة، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك.
من جهتها، نبهت لجنة المتابعة للجماهير العربية والفعاليات السياسية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، من أن الشروط التي يطلبها "بن غفير"، ويوافق عليها "نتنياهو"، هي إعلان حرب شاملة، ومقدمة لتفريغ الحرم القدسي الشريف من أجل سيطرة المستوطنين على المسجد الأقصى تمهيداً لهدمه.
وحذرت "المتابعة العليا" نية حكومة الحرب، القبول بطلبات "بن غفير" لفرض قيود على دخول المسلمين من فلسطينيي 1948 والقدس، إلى المسجد الأقصى خلال شهر رمضان، بعد فرض قيود مشددة على فلسطينيي الضفة الغربية، وحظر فلسطينيي قطاع غزة بطبيعة الحال، في ظل حرب الإبادة المستمرة ضدهم.
وأكدت أن "المسجد الأقصى بكامل مساحته، هو مكان مقدس للمسلمين وحدهم، ولا حق لغيرهم في الدخول إليه وإدارة شؤونه.
من جانبها، أصدرت "العربية للتغيير" برئاسة النائب أحمد الطيبي، بيانا قالت فيه إن "القرار عنصري يتخذه رئيس حكومة متطرف، أصبح مكبلا وخاضعاً لإملاءات المجرم المدان "بن غفير" بعد إخفاقاتهم في السابع من تشرين أول (أكتوبر).
وشددت على أن "قرار منع المصلين المسلمين من الصلاة بالمسجد الأقصى، وفي شهر رمضان تحديداً، هو قرار مرفوض وخطير وعلى الأمم المتحدة بحثه".
يأتي ذلك بالتزامن مع ارتكاب الاحتلال 13 مجزرة وحشيّة ضد العائلات الفلسطينية في قطاع غزة راح ضحيتها 127 شهيداً و 205 إصابات خلال الـ 24 ساعة الماضية، لترتفع حصيلة عدوانه إلى حوالي 29 ألف شهيد و70 ألف مصاب.
وواصلت الطائرات الحربيّة الاحتلالية قصفها الكثيف لمختلف مناطق قطاع غزة، مخلفة العشرات من الشهداء ومئات الجرحى وتدمير ما تبقى من الأبنية السكنية المتهالكة.