من دون ريب، إنَّ الالتجاء والعيش في الماضي يمكن أن يُعدّ هروبًا من الواقع الجاري، فعندما نعتمد بشكل كبير على أطلال الماضي، وقد نحاول فيه تجاهل التغيّرات والتحديات، التي تواجهنا في واقعات وأحداث الحاضر، وربما يكون ذلك نتيجةً للقلق والخوف من المستقبل، أو لعدم الرغبة في التكيّف مع المتغيرات الجديدة.
ومع ذلك، يجب أن ندرك بأن الحياة متغيرة وتتبدل فيها الأحوال، وأن التكيّف مع التغيرات الحاصلة في الواقع الجاري هو جزءٌ أساسي من النمو الشخصي والتطور. فإذا قررنا العيش في الماضي وحسب، فقد نفوت على أنفسنا فرصًا جديدة وتحديات تساعدنا في النمو وتحقيق النجاح.
لذا، فمن المهم أن نتقبل التغيرات ونتعلم على كيفية التكيّف معها في الواقع الجاري. كما يمكننا أن نستفيد من الخبرات والدروس التي تعلمناها في الماضي، ولكنْ يجب علينا أن نكون منفتحين لاستكشاف الجديد والتعلم من التجارب الجديدة أيضًا.
وينبغي علينا أن نخاطب من يعيش الماضي من دون الحاضر والمستقبل، بأنه لا يكفي العيش في أمجاد الماضي فقط، بل من الضروري أن نعيش في الحاضر أيضًا، ونتعامل مع التحديات والفرص التي تواجهنا الآن، ويجب أن ننظر إلى المستقبل ونضع الخطط المطلوب له، ونعمل على تحقيق أهدافنا وتطلعاتنا في آن.
وما نلاحظه في أدبيات الحركات السياسية الوطنية العراقية التعلق بأمجاد الماضي والعيش فيها أكثر من النظر إلى الحاضر والمستقبل، الذي له أهمية كبيرة في حياتنا جميعًا، بما يمكننا تحديد الأهداف التي نرمي إلى تحقيقها لدحر المحتل الفارسي. إنَّ مجابهة التحديات والتخطيط بالتعامل معها والتغلب عليها، يتطلب إيجاد الحلول الممكنة لها، وتدبير إجراءات استباقية للاستمرار في مسيرتنا التحررية، وفق ما يساعدنا على ذلك الشعور بالرضا النفسي، والحفاظ على الهويَّة الوطنيَّة. وعندما نتعرف على تاريخنا وثقافتنا وتراثنا بطريقة تتناسب مع التحولات الحديثة في إدارة وإدامة الثورة الشعبية، باذن الله، نحقق التقدم والازدهار الذي نسعى إليه.
باختصار، التغني بالماضي بشكل حصري يمكن أن يحد من الفرص ويقيد النمو الشخصي. وعليه، يجب أن نستفيد من الماضي، لكن يجب أن نعيش في الحاضر أيضًا، وننظر إلى المستقبل لتحقيق النمو المجتمعي وتحرير العراق.