كلمة المؤرخ عمر العرموطي في الحفل الذي أقيم في المكتبة الوطنية الساعة السادسة من مساء يوم الاثنين 22/ 4/2024م عن معركة الكرامة والذي اقامه حزب البناء الوطني
معركة الكرامة أعادت الكرامة إلى الأمة العربية
بقلم/ عمر العرموطي
معالي الدكتور بركات عوجان الأكرم
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة
أيها الحفلُ الكريم
... في البداية أوجه التحية والفخار لأبطال المقاومة في غزة هاشم وفي جميع أنحاء فلسطين المحتلة من النهر إلى البحر... أقول للأبطال في غزة لقد صنعتم تاريخاً مجيداً (مدينة تُحارب عن أمة) وإن النصر آت قريباً إن شاء الله... وسيبقى الأردن بقيادته الهاشمية السند والظهير لإخواننا المجاهدين في فلسطين الحبيبة.
وفيما يتعلق بمعركة الكرامة الخالدة وهي (أم المعارك) فأنا أؤمن بالنظرية التي تقول: " كل حرب تسبب الحرب التي تليها" فحرب حزيران عام 1967 كان سببها حرب عام 1948م في فلسطين، ومعركة الكرامة كان سببها حرب حزيران وهزيمة حزيران التي انهزمت بها الجيوش العربية مُجتمعة.
هذه المعركة معركة فاصلة بالتاريخ العسكريَ، فقد أعاد أبطال جيشنا العربي الباسل الكرامة إلى الأمة العربية بالنّصر المُؤزّر الذي تحقق في معركة الكرامة... أوّل نصر عسكريّ عربيّ في الصراع العربيّ الإسرائيلي، ونظرًا لأهميّة المعركة فقد قُمت بتدوين كتابين عن المعركة: الكتاب الأوّل: مذكّرات محارب للعميد الشيخ المرحوم فهد مقبول الغبين، والكتاب الثاني: من معارك القدس الشريف إلى معركة الكرامة الخالدة للمرحوم العقيد الشيخ عوده عويّد السّرحان ...
أيتها الأخوات أيها الإخوة الكرام:
.... قبل أكثر من عشرين سنة أجريت مقابلة صحفية مع الفريق الرّكن المرحوم مشهور حديثه الجازي/ رئيس الأركان الأسبق وقائد الفرقة الأولى التي دحرت العدوّ الصهيونيّ في الكرامة، وقال لي بالحرف الواحد إنّ خسائر العدوّ الصهيونيّ في المعركة كانت أكثر من خسائر إسرائيل على الجبهات الثلاثة في حرب حزيران، وسألت الفريق مشهور حديثه عن الترتيبات التي أعدّها، فقال لي إنه قبل المعركة بأيّام أصدر تعليماته للوحدات العسكرية المرابطة بجانب نهر الأردن للجنود والضّباط والوُعّاظ المُلحقين بأنّهُ عندما تنطلق الرصاصات الأولى للمعركة أن تتعالى صيحات "الله أكبر"؛ وذلك لأنه اعتبرها معركة إيمانيّة بين الكفر والإيمان ولرفع المعنويات، وأشار الفريق مشهور حديثه بأنه كان هدفًا رئيسياً للعدوّ الصهيوني احتلال مرتفعات السّلط؛ فتصبح المنطقة هذه حتى النّهر منطقة عازلة بيننا وبين العدوّ الصهيوني ولفرض شروط مهينة على الأردنّ .. لكن الحمد لله انقلب السّحر على السّاحر واندحر العدوّ الصهيوني بهزيمة نكراء ... وفي ختام المُقابلة سألت الباشا مشهور حديثه وقلت له: هذه المعركة معركة مَنْ يا باشا؟ .... فقال لي بالحرف الواحد: هي معركة الجيش الأردني، وقال لي إنه قبل المعركة بأيّام نزل إلى منطقة الكرامة بمخيّم الكرامة، واجتمع بقادة المقاومة الفلسطينية، حتى أنه قال لي إنّ واحدًا منهم من عائلة (صيدم) ونصحهم بأن يُخلوا المنطقة باتجاه مرتفعات السّلط؛ لأنه هجوم العدو الصهيوني سيكون هجومًا شاملًا ومُجَحْفلًا بالطائرات والمروحيات لا قُدرة للمقاومة عليها، وقال لي بأنّ المقاومة فعلًا انسحبت وظلّ أعدادٌ قليلةٌ في الكرامة أثناء الاشتباك مع العدوّ الصهيونيّ .... ظلّ عشرات منهم بمخيم الأشبال وقد استشهدوا جميعًا.....
...... وبعد ذلك التقيت بالفريق الركن عامر باشا خمّاش رحمه الله / رئيس أركان الجيش العربي أثناء القِتال.. فقال لي بالحرف الواحد إنه أرسل المرحوم العقيد الركن غازي عربيات/ مدير الاستخبارات العسكرية؛ للإجتماع بقادة المقاومة بالكرامة ونصحهم بإخلاء المنطقة، وفعلًا أخلوا المنطقة ... وسألت بنهاية المقابلة الفريق الركن خمّاش: قُلت له.. يا باشا كيف كانت تُدار المعركة؟ فقال لي بالدرجة الأولى جلالة القائد الأعلى الملك الحسين بن طلال _رحمه الله_ بغرفة العمليات وأنا كرئيس أركان وكِبَار ضُبّاط القيادة كُنّا نتابع دقيقة بدقيقة المعركة ونُديرها من غرفة العمليات...
... معلومة أخيرة أُحب أن أُوردها على لسان العميد المرحوم الشيخ فهد مقبول الغبين.... حيث قال لي أنه مع انطلاق الرصاصات الأولى بالمعركة المرحوم جلالة الملك الحسين بن طلال _رحمه الله_ القائد الأعلى للقوات المسلّحة ركب في سيارته وبجانبه سائقة الخاص المرحوم سليمان مرزوق الهباهبة وقال له: "يا سليمان إتّجه فورًا على قيادة الفرقة الأولى في وادي شعيب"، وفعلًا اتّجه سليمان الهباهبة نحو قيادة الفرقة في وادي شعيب وكانت الرماية كثيفة، وخاف على حياة جلالة الملك قال له: "يا جلالة الملك أرجوك، أتوسّل إليك أن ترْجِع إلى عمّان؛ لأنّ هناك خطرًا على حياتك.. الرماية كثيفة وتدير المعركة من غرفة العمليات" .... وهنا صاح الحسين القائد الهاشمي البطل بأعلى صوته، وقال له: "يا سليمان المنيّة ولا الدّنية ... المنيّة ولا الدّنيّة" ....
.... وفي الخِتام، أنا أُشيد بالجهود التي قامت بها مُديرية التوجيه المعنوي بالقيادة العامة للقوات المسلّحة لأنها قامت ببناء صرح الشّهيد وساحة للإحتفالات ومعرض لشهداء الكرامة... لذلك فإنني أقترح على مديرية التوجيه المعنوي، وعلى قائد جيشنا الباسل الباشا/ يوسف أحمد الحنيطي بأن يتمّ عمل شاشة ضخمة في موقع معركة الكرامة بحيث نقوم بعرض بانوراما المعركة على هذه الشاشة ...