ليس من السهل الحديث لوسائل الإعلام والكشف عما يجول في الصدور والحديث بشكل خاص في الشأن العام السياسي الإقتصادي والإجتماعي وحتى الخاص.
ومع كل ذلك كانت تلك المقابلة التي بثتها قناة العربية يوم الأحد بتاريخ 26/5/2024 مع صاحب السمو الملكي الأمير الحسين بن عبد الله الثاني، ولي العهد المعظّم، في غاية الروعة والجمال والعُمق والتأثير، بحيث أنّ المرءَ لا يستطيع إلا وأن ويكمل متابعتها حتى ىالنهاية، لأنّ سموه تناول بكل صراحة وجرأة وموضوعية قضايا الساعة والتحديات التي تحيط بالأردن والمنطقة وكذلك هموم الناس وآلامها وتطلعاتهم لتحسين أوضاعهم الإقتصادية والإجتماعية وتحقيق العدالة للجميع في ظلِّ ظروفٍ صعبة حملت الكثير من التحديات، رغم أن الأردن كما أشار سموه بَقِيَ صامداً بقوة بشعبه وتماسكهم وإلتفافهم حول قيادته الهاشيمة الحكيمة بعيدة النظر، وتمسكهم بهويتهم الوطنية، مما ساهم بشكل كبير في تجاوز الكثير من التحديات التي عصفت بالمنطقة وجرت على الأردن الكثير من الأعباء والضغوطات، ولكن الأردن تمكن من تجاوزها، ما لم تجتزه دول كثيرة في المنطقة، ولم يبق الأردن أبداً أسيراً لأحداث حدثت في الماضي بل كان قادرا على تجاوزها والتفكّر دوما كيف ينطلق الأردن نحو الأمام بعقل منفتح قادر على التغيير ومتجاوب مع متطلبات الحياة المختلفة بمهارة عالية وبعقلانية، مع الحفاظ على الموروث التاريخي والثقافي والديني الذي يشكل أساسا في هويته الوطنية التي تطغى على أية هويات فرعية، وهي التي بدورها تشكل رافداً قوياً وهاماً لهوية وطنية أردنية، منتمية لثرى الأردن ولقيادته الهاشمية، وما يعزز من هذه الهوية هو إعادة خدمة العلم التي تجعل من جيلنا أكثر إنضباطا وفاعلية وأكثر عطاء وحرصاً على صون مقدرات الوطن والدفاع عن هويته وكرامته وتاريخه الذي يزخر بعبق تاريخ امتد لآلاف السنين، حيث المكتشفات الأثرية تعود لأكثر من 14000 عام، مما جعل الأردن متحف مفتوح لأكثر من 100000 موقع أثري يشكل نفط الأردن المستقبلي إذا تم الإستثمار فيه بالطريقة الفضلى.
مقابلة سمو الأمير المعظّم تنّم عن روح شبابية تنبض بالحب والعطاء وتباشير الإنجاز لأنها ترى في الماضي أساساً لإكمال البناء عليه، والسير قدما نحو الأمام بعزمٍ وإرادة على ما تحقق من سمعة عالية واحترام كبير حققه الأردن بفضل قياداته الهاشمية المباركة جيل بعد جيل وكابرا عن كابر، وسمعةُ أهله الطيبين الكرماء، وما يحتاجه الأردن اليوم هو جيل قيادي واعد يقرن أقواله بأفعاله ويثبت ولاءه وإنتماءه بإنجازه، فما تتطلبه المرحلة الحالية والمستقبلية هو الإنجاز، فالإنجاز هو المعيار الذي يتم العمل بموجبه، فلم يعد هناك وقتا للترف وإضاعة الوقت، إذ أن الحاجة الآن أكثر من أي وقت مضى إلى الإعتماد على الذات وسياسة الإكتفاء الذاتي، وإقران نجاح القطاع التكنلوجي بقطاعات أخرى تقينة ومهنية وكفاءات قادرة أن تفي بمتطلبات سوق العمل المحلي والإقليمي والعالمي. وكما يفخر الأردن بما قدمه من محتوى عربي على الإنترت شكل ما نسبة 75% هكذا يقدر أن ينجح في كل القطاعات الأخرى التقنية والمهنية وإلغاء ثقافة العيب وتقديس العمل ورفع شأنه وزيادة الوعي الثقافي لدى الشباب.
لقد أبرز سمو ولي العهد المعظّم معنى وأهمية المسؤولية في اتخاذ القرارات لأنها تؤثر على حياة الناس مباشرة، وهذا ما يجب التنبه له في كلِّ المؤسسات والمعاهد الوطنية، فإنطلاقنا يجب أن يكون مِن وعينا للمسؤولية في دولة القانون والمؤسسات، التي تحرص على تحقيق العدالة وتكافئ الفرص، وعلى قدسية العمل وأهميته في النهوض بالوطن وإكمال مسيرة إستقلاله الثامنة والسبعين وكل الإنجازات التي تحققت في اليوبيل الفضي لجلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم وتسلمه لسلطاته الدستورية، وعلى منعة جبهته الداخلية ليكون الأقوى في مسيرة التحديث الإقتصادي والسياسي، وكذلك في خدمة قضاياه وقضيته الأولى- القضية الفلسطينية ووقف الحرب على غزة وتقديم العون اللازم والمطلوب.