كيف لنا أن نكون عربًا في زمنٍ تاهت فيه هويتنا وضاعت ملامحنا، في أمة لم تعد تعرف معاني الألم والوجع؟ كيف نكون في قائمة العرب وقد تجاوزت "آه" صرخاتنا حدود الضلوع، لتتسلل على خدودنا كدموعٍ صامتة، وتناثرت أوصالنا على أرصفة الزمان دونما هوية أو وجهة؟
نكتب كلماتٍ بلا روح، نعزف ألحانًا بلا شعور، ونبكي بعيون جفت دموعها من شدة الوجع. أرواحنا هجرتنا، وأوجاعنا باتت ذكريات متجمدة في أجداث القبور. ومع ذلك، يسود الصمت ويعم الفضاء، فتتلعثم الكلمات وتتوه المعاني، حتى أصبحنا خارج النص، غرباء بلا حدود تعرفنا، وبلا وطن يحتوينا.
في عالمٍ أبكم أضاع كل معاني الحياة والحياء، كيف لنا أن نكون؟ كيف نعيش في زمنٍ تاهت فيه الإنسانية وتشتت الأحلام؟ أوجاعنا تتعمق في صدر الوطن، وقلوبنا تنزف من الوتين حتى تأوهت أعمارنا وتاهت في مساحات الشتات. أسماؤنا أصبحت ذكرى متناثرة، وهويتنا ضاعت بين رياح التغيير.
اليوم، نرى اليمن السعيد يمزقه الألم، والسودان يحترق ليصبح أرضًا بلا بذر، والأمطار تبتعد عن أرضٍ لم تعد تجد فيها الدموع. حتى ليبيا، التي كانت تنبض بروح المختار، تئن تحت وطأة الجفاء. الجزيرة العربية ضاعت في أروقة الأحلام وعلى طاولة النرد، حيث مزقوا خارطة الأرض وشوهوا وجه الحياة، لننتهي في أرفف النسيان دون أن نكون.
فكيف لنا أن نكون؟ وإن كنا في قائمة العرب، هل نحن حقًا نعيش كعرب؟ أم أننا مجرد أسماء فارغة تتلاشى في ريح النسيان؟