لي صديق من خارج المحافظة فقير جدا تزوج من فتاه يتيمة الأب و وحيدة الأشقاء ودأب يومياً على الذهاب لحماته الطاعنة في السن التي تسكن في المنطقة القريبة منه في غرفة قديمة بسبب الفقر بعد وفاة زوجها وكان يعتبرها بمنزلة والدته وفي كل مرة تدعو له بالرزق والخير ، حيث يضع الطعام أمامها، وأحيانا يقوم بإطعامها بيده .
بعد (٣ ) سنوات توفيت زوجته بحادث سير ، وبقي وحيداً، لم يكتب له بالانجاب وكان بداية يبكي عندما اتصل معه متذكراً زوجته التي خلفت له الهم والحزن جراء حماته التي أصابها المرض ولا يوجد لها معيل بعد الله إلا زوج ابنتها المتوفاه .
وكنت أوصيه ألا يقطع علاقته بحماته عرفاناً لزوجته .
وكان يقول :" يا يوسف، الوضع صعب حاليا؛ فحماتي مريضة ولا معيل لها إلا ما تتقاضاه من المعونة الوطنية .
تزوج صديقي بعد وفاة زوجته ب (٥ ) أشهر وكان في تلك الفترة يشكو من زوجته الجديدة التي رفضت أن تعيش حماته معه قائلة :" مش مجبورين فيها وضعنا المعيشي صعب، خذها إلى دار المسنين " و يرد عليها غاصباً "وحد الله هذه أمانة في عنقي ولن اتركها وحدها سوف أجلبها للبيت لرعايتها" .
وما أن حضرت للبيت إلا وبدأت المشاكل تاركة البيت ويتدخل الأهل ناصحين لها بالصبر على هذه العجوز الوحيدة لعل الله يرزقكِ بسببها .
وكان ردها مخيب للآمال قائلة :" لو تطبق السماء على الأرض ما قبلتها في بيتي " .
بقيت العجوز على حالها في غرفتها القديمة وأستأجر صديقي من نساء الحي إمرأة لرعاية حماته المريضة فترة الصباح و المساء تتفقدها وتنظف لها وتعطيها العلاج مقابل مبلغ زهيد (٥٠) ديناراً ، و بقيت على هذه الحال حتى توفاها الله ، حيث اعتاد أن يتفقدها بالخفاء ويشتري لها الطعام الجاهز تارة ويعد الطعام لها تارة أخرى .
دارت الأيام واشترى صديقي أرضا زراعية في منطقة بعيدة بثمن قليل من أجل الاسثمار فيها مستقبلا ، ولحسن حظه قام مستثمر بعدها بأشهر بشراء الأرض بمبلغ كبير لأستثمارها في أحد المشاريع الكبيرة.
يقول صديقي:" اشتريت الأرض بمبلغ (٥ ) الاف دينارا، فباعها للمستثمر ب (٤٥ ) الفاً بعد شراء المستثمر الأراضي المجاورة لأرضة ولم يتبقى إلا أرضه في تلك المنطقة مما ساهم في رفع سعرها .
بعدها استثمر صديقي المبلغ في التجارة، و أصبح غنياً بين عشية وضحاها ومن كبار رجال الأعمال وزاده الله بركة في ماله وذريته ،حيث تزوج بإمراة ثالثة بعدما انجبت زوجته الثانية طفلة واحدة وأصابها المرض ، فيما رزقه الله توأما من الذكور الزوجة الجديدة (الثالثة) التي تورثت من ميراث والدها بعد وفاته شقة تقدر (١٥٠) الفاً ، علاوة على عملها كرئيسة لقسم في أحد الشركات الخاصة .
واخيرا قال تعالى {وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِه}
وقول الشاعر : مَن يَفعَلِ الخَيرَ لا يَعدَم جَوازِيَهُ