يشن الاحتلال الإسرائيلي منذ الليلة الماضية عدواناً واسعاً على مدن شمال الضفة الغربية، حيث دفع بتعزيزات عسكرية كبيرة مدعومة بمروحيات وطائرات مسيرة لاجتياح جنين وطوباس وطولكرم ورام الله، ما أسفر عن استشهاد 10 فلسطينيين وإصابة واعتقال العشرات وسط حصار المشافي وإلحاق دمار هائل بالبنية التحتية، في محاولة لتوسيع حرب الإبادة على قطاع غزة لتشمل الضفة، مستغلاً صمت المجتمع الدولي ودعم الإدارة الأمريكية المطلق لجرائمه.
المئات من جنود الاحتلال برفقة دبابات وجرافات حاصروا مدينة جنين قبل اقتحامها من جهة حاجز الجلمة، واعتلى القناصة أسطح المباني وأطلقوا الرصاص باتجاه الفلسطينيين، ما أدى إلى استشهاد شابين وإصابة آخرين، بينما قصفت مسيرة للاحتلال سيارة بين قريتي صير ومسلية جنوب المدينة، ما أسفر عن استشهاد 3 شبان كانوا بداخلها، في حين استشهد شاب برصاص الاحتلال في بلدة كفر دان غرب جنين.
وقال محافظ جنين، كمال أبو الرب: إن قوات الاحتلال تفرض حصاراً على المؤسسات الطبية في جنين وتهدد باقتحامها، حيث قطعت الطرق المؤدية إلى مستشفى ابن سينا بالسواتر الترابية، وحاصرت مستشفى الشهيد خليل سليمان ومقر جمعيتي الهلال الأحمر وأصدقاء المريض.
وسام بكر مدير مستشفى خليل سليمان أفاد بأنه تلقى تهديدات باقتحام قوات الاحتلال للمستشفى، مشيراً إلى أن الوضع داخله صعب جداً، وخاصة مع استمرار حصاره ومنع طواقم الإسعاف من الدخول إليه وعرقلة عمل الطواقم الطبية، محذراً من أنه في حال استمر الاقتحام لأكثر من يوم فإن المستشفى سيعاني نقصاً في الماء والوقود.
وفي طوباس اقتحمت قوات الاحتلال مخيم الفارعة ونشرت القناصة داخله وفي محيطه وسط تحليق الطيران الحربي والطائرات المسيرة التي قصفت مجموعة من الفلسطينيين في المخيم، ما أدى إلى استشهاد 4 وإصابة 10 آخرين كما اعتقلت عدداً من الشبان.
وأشار محافظ طوباس أحمد الأسعد إلى أن الاحتلال يشن عدواناً على المدينة بشكل عام ومخيم الفارعة بشكل خاص، ويقصف منازل الفلسطينيين، وتجرف آلياته الشوارع والطرقات، لافتاً إلى أن استهداف الاحتلال المتكرر للبنية التحتية هدفه تضييق سبل العيش على الأهالي وإجبارهم على مغادرة المخيم، ومطالباً اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتدخل والضغط على الاحتلال من أجل السماح لطواقم الإسعاف بالدخول إلى مخيم الفارعة لنقل الإصابات وتقديم العلاج لها.
وعلى غرار جنين وطوباس، اقتحمت أعداد كبيرة من قوات الاحتلال مدينة طولكرم من محورها الغربي وانتشرت في أحيائها وفي مخيم نور شمس شرقها في ظل تحليق مكثف للطيران المسير الذي قصف حارة المنشية في المخيم، وتسبب بإصابة فلسطينيين اثنين، كما اعتقل جنود الاحتلال عدداً من الشبان وحاصروا مستشفيي الإسراء والشهيد ثابت ثابت في المدينة وعرقلوا حركة تنقل مركبات الإسعاف، بينما هدمت الجرافات عدداً من المحال التجارية وخربت الطرقات ودمرت البنية التحتية وخط المياه الرئيسي المغذي للمخيم.
كما اقتحمت قوات الاحتلال بأعداد كبيرة مخيم شعفاط شمال مدينة القدس المحتلة وأغلقت الحاجز المؤدي إليه، ونفذت حملة اقتحامات واسعة لبلدات قراوة بني زيد وبيت ريما والعارورة وعبوين وسنجل في رام الله وسط إطلاق الرصاص، ما أدى إلى إصابة أربعة فلسطينيين، بينما اعتقلت 34 فلسطينياً وكثفت عدد حواجزها عند مداخل هذه البلدات ومخارجها وفي أحيائها.
وزارة الصحة الفلسطينية حذرت من تداعيات حصار الاحتلال لمستشفيات مدينتي جنين وطولكرم وتهديداته باقتحامها، مبينة أن عشرات المرضى يعالجون في هذه المستشفيات وأن أي اقتحام لها هو تهديد مباشر لحياتهم وحياة الطواقم الطبية.
كما أشارت إلى أن قوات الاحتلال تجرف الطرق المؤدية للمستشفيات وتعيق وصول سيارات الإسعاف في انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وللقانون الدولي الإنساني، مطالبة المجتمع الدولي واللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتدخل لحماية المؤسسات الطبية.
الحرب الإسرائيلية العدوانية المتصاعدة في الضفة على مدن وقرى ومخيمات جنين وطولكرم وطوباس وغيرها من المدن الفلسطينية إلى جانب حرب الإبادة في قطاع غزة ستؤدي إلى نتائج وخيمة وخطيرة، وفق الرئاسة الفلسطينية التي حملت الإدارة الأمريكية المسؤولية، لأنها توفر الحماية والدعم للاحتلال، مطالبة إياها بالتدخل الفوري وإجباره على وقف حربه الشاملة على الشعب الفلسطيني.
الخارجية الفلسطينية رأت أن تصعيد الاحتلال في الضفة امتداد لحرب الإبادة والتهجير وضرب مقومات صمود الفلسطيني في أرض وطنه، وخاصة ما يتصل باستهداف البنى التحتية ومرتكزات حياة الفلسطينيين، مشيرة إلى أن حصار المستشفيات وفرض النزوح القسري وإجلاء الأهالي من منازلهم انتهاك صارخ للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب.
فصائل المقاومة الفلسطينية التي تتصدى لقوات الاحتلال المقتحمة في عدة محاور بجنين وطولكرم وطوباس مكبدة إياها خسائر في الآليات ومحققة إصابات مباشرة في صفوفها، أكدت أن العدوان على الضفة هو توسيع لحرب الإبادة الوحشية التي يشنها على القطاع، مشددة على أن ذلك لن يرهب الشعب الفلسطيني ويبدد إرادته في الحرية والاستقلال ولن يحقق مآرب الاحتلال في تهجيره أو اقتلاعه من أرضه.
وسائل إعلام العدو أوضحت أن "العملية العسكرية” هي الأوسع منذ عام 2002 وأنها تتم بمشاركة مروحيات وطائرات مسيرة وأعداد كبيرة من القوات وستستمر لعدة أيام.
ومع بدئها برزت مخاوف من تهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية وخاصة أنها تستهدف المناطق التي تمتاز بكثافة سكانية مرتفعة، حيث قال وزير خارجية كيان الاحتلال يسرائيل كاتس في تدوينة على منصة إكس: "يجب التعامل مع الضفة تماماً كما يتم التعامل مع البنية التحتية في غزة بما في ذلك إجلاء الفلسطينيين وأي خطوات مطلوبة، هذه حرب على كل شيء”.
وبعد ساعات قليلة من تدوينة كاتس أصدر جيش الاحتلال أوامر لأهالي مخيم نور شمس شرق طولكرم بإخلاء المخيم ومغادرته، وأقام نقطة عسكرية في حارة المسلخ لتفتيشهم قبل المغادرة مجبراً إياهم على النزوح، ما يعيد إلى الأذهان أوامر الإخلاء القسري التي يصدرها الاحتلال خلال عدوانه المتواصل على القطاع والتي أسفرت عن تكدس أهله في11 بالمئة فقط من مساحته في ظروف إنسانية كارثية.
شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية اعتبرت أن اجتياح قوات الاحتلال شمال الضفة الغربية هو في الحقيقة مخطط يستهدف فصل مدن الضفة عن بعضها وتقسيم الأراضي الفلسطينية لإحكام قبضة الاحتلال عليها وتهجير الفلسطينيين قسراً منها، مطالبة المجتمع الدولي بالعمل الجاد من أجل وقف حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال في القطاع والضفة، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وإلزام الاحتلال بتطبيق القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي تضمن إنهاء الاحتلال وحق الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة.