المديح الكاذب فن مبتذل يتقنه البعض لتحقيق مكاسب مؤقتة و سلاح ذو حدين يغلف الظاهر بحلاوة الكلام لكنه يخفي خلفه خيانة للنفس وللآخرين.
يبدو المادح الكاذب في البداية كمن يملك سحرا بالكلمات يغرق المستمع في عبارات الإطراء والتقدير ويمزجها بالوعود والآمال التي ترسم في مخيلة المستهدف عالما ورديا يعجز عن مقاومته.
المديح الكاذب يمتد كجسر هش من التملق إلى الطموح فلا يقف صاحبه عند حد بل يواصل نسج الأكاذيب في قالب من الإعجاب المزيف والهدف واضح تحقيق غاية شخصية قد تكون وظيفة مرموقة أو مكسبا ماليا أو حتى مكانة اجتماعية زائفة. وكلما اقترب من مبتغاه زاد في التودد والتملق حتى يغدو صوته معتادا لا يحمل سوى المدح دون نقد أو توجيه.
الحقيقة، مهما حاول المادح طمسها تظل كامنة في التفاصيل الدقيقة.
فالمديح الكاذب لا يلبث أن يتلاشى فور تحقيق المكسب المطلوب. يبدأ المادح بالتنصل تدريجيا، يتراجع عن وعوده، ويخفف من حضوره، كأنه لم يكن يوما جزءا من حياة الشخص الذي استهدفه. وما إن ينتهي من تحقيق مبتغاه، حتى ينكشف قناع الصداقة والولاء الزائف، ليترك ضحيته متسائلا: أين ذهب كل ذلك الإطراء؟ أين اختفت الوعود؟
اذ يظهر الوجه الحقيقي لهذا الشخص الذي لم يكن يوما معجبا أو مخلصا، بل كان مجرد مستغل لمشاعر الآخرين لتحقيق أهدافه. ينسحب من الحياة وكأنه لم يكن يوما قريبا، تاركا خلفه أثرا من الخيبة، وفجوة في الثقة التي قد لا تلتئم بسهولة.
وهكذا، فإن المديح الكاذب ليس إلا خدعة عابرة يبني صاحبه جسورا من الكلمات، لكنها تنهار عند أول اختبار للحقيقة.
وفي حين قد يظن المستفيد من هذا المديح أنه ذكي وقادر على التلاعب بالآخرين، فإن الخسارة الحقيقية تقع عليه، اذ يفقد قيمته الإنسانية ويظل متورطا في دوامة من العلاقات الزائفة والوعود التي لا معنى لها.
ويتبقى لنا درس واحد من هذا السلوك الكلمات لها وزن، والمصداقية لها قيمة.
فلا شيء يدوم سوى الحقيقة وكل مديح كاذب سيذهب هباء.