إن الهجمات الأخيرة التي نفذتها إسرائيل ضد حزب الله، إلى جانب العمليات التخريبية التي استهدفت شبكات الاتصال عبر أجهزة النداء الآلي، تعكس توتراً بين التفوق التكنولوجي الإسرائيلي والغموض الاستراتيجي الذي يواجهه على المدى البعيد. وعلى الرغم من نجاحاتها في العمليات الاستخباراتية والعسكرية، إلا أن إسرائيل تعاني من ضعف واضح في وضع أهداف استراتيجية طويلة الأمد.
في تصريح له لصحيفة "نيويورك تايمز"، وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، الوضع الحالي بأنه يعكس "براعة العقول التكنولوجية" مقابل "فشل القيادة السياسية" في اتخاذ خطوات استراتيجية فعّالة، مشيراً إلى أن القيادة الإسرائيلية مشغولة بمخاوفها لدرجة تمنعها من اتخاذ قرارات ذات مغزى.
العمليات التي شنتها إسرائيل هذا الأسبوع في لبنان، بما في ذلك تدمير أجهزة الاتصال الخاصة بحزب الله، تُظهر قدرتها على التوغل والتخريب داخل أراضي العدو. ومع ذلك، تتضح حالة الاضطراب الاستراتيجي التي تعاني منها، حيث تفشل في وضع خطة طويلة الأمد لاحتواء حزب الله أو التعامل مع التحديات في غزة وإيران.
ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، انتقادات متزايدة، إذ يدّعي أنه يركز على أمن الدولة بأي ثمن، بينما يرى معارضوه أن هذه النجاحات العسكرية لن تكون ذات أثر طويل ما لم ترتبط برؤية استراتيجية واضحة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية.
وفقاً لتقرير "نيويورك تايمز"، فإن استمرار الحرب في غزة يؤثر على قدرة إسرائيل على تحقيق استقرار دبلوماسي في المنطقة، بما في ذلك تطبيع العلاقات مع السعودية. وأكد أولمرت أنه من الصعب على إسرائيل إنهاء الصراع في غزة أو إقامة علاقات دبلوماسية ناجحة مع السعودية دون التعامل بمرونة مع قضية السيادة الفلسطينية.
وأشار التقرير إلى أن أحداث 7 أكتوبر قد زادت من صعوبة اتخاذ قرارات استراتيجية بعيدة المدى. فقد يلجأ قادة إسرائيل إلى تحقيق انتصارات تكتيكية سريعة لتعويض الفشل في منع الهجوم.