ترجل الفارس الذي لن يتكرر، القائد الذي حمل الوطن في قلبه وجعل من الجيش بيته ومن جنوده أبناءه. كان خالد باشا الصرايرة مثالًا للقائد الذي وُهِب الشجاعة والحنكة، وربط بين القيادة والحكمة، وبين الصرامة والعطف، ليكون مدرسةً في العطاء والوطنية.
لقد كان رمزًا للعمل الجاد والتفاني، لا يعرف الراحة ولا يقبل بأنصاف الحلول. كان يومه يبدأ مع شروق الشمس، بين ميادين التدريب والتفقد، وينتهي في مكتبه قرب منتصف الليل، يتابع أدق التفاصيل، كأن الجيش أمانة في عنقه لا يتركها إلا ليحملها أمام الله أولًا، ثم أمام القيادة الهاشمية التي آمن بها وكرّس عمره في خدمتها.
كان خالد باشا يُلهم من حوله، يزرع في نفوسهم الكبرياء وحب الوطن، ويحثّهم على الإخلاص للعلم والقيادة. كان حريصًا على حقوق جنوده، مشددًا على أن الراتب ليس مالًا فقط، بل حياة عائلات تنتظر بكرامة. كان أبًا حانيًا وقائدًا ملهمًا لا يدخر جهدًا في بناء الرجال قبل أن يبني الجيوش.
في كل ميدان وقف فيه، كان يزرع أملًا ويصنع عزًا، وفي كل لقاء كان يحثّ رفاق السلاح على الولاء للوطن ولقيادته الهاشمية. عاش فارسًا ورحل بطلًا، تاركًا إرثًا خالدًا لن يُمحى من ذاكرة الوطن.
رحمك الله خالد باشا، فقد كنت قائدًا لا يعرف المستحيل، وأبًا لجندك، وركنًا من أركان هذا الوطن. نستذكرك اليوم وكل يوم، وندعو الله أن يجزيك عن وطنك وجيشك خير الجزاء، وأن يجعل مثواك الفردوس الأعلى.
"إنا لله وإنا إليه راجعون. لقد غاب الجسد، لكن الأثر سيبقى شاهدًا على قائد بحجم وطن."