في ظل مشهد عربي وعالمي مضطرب يلقي بظلاله الثقيلة على منطقتنا، من غزة ولبنان إلى أوكرانيا وبحر الصين شرقًا، جاء خطاب العرش السامي مختصرًا في كلماته، شاملاً في معانيه وأبعاده، موجّهًا للداخل الذي يغلي قلقًا على الأشقاء، متماهيًا مع جراحهم وآلامهم، ومتخوّفًا من المستقبل في ظل التهديدات الواضحة التي يطلقها قادة اليمين المتطرف في الكيان المحتل، واستهدافهم للأردن بشكل مباشر.
يتصاعد القلق الشعبي أيضًا من احتمالية تكرار الولايات المتحدة لخطوات أحادية الجانب مثل اعترافها بضم الضفة ومستعمراتها، وفرض صفقة القرن التي سبق أن قوبلت بقرارات مثيرة للجدل، كتغيير وضع القدس ونقل السفارة إليها والاعتراف بضم الجولان.
في هذا السياق، جاء خطاب العرش ليؤكد ثبات موقف الأردن. فقد شدد الخطاب على رفض ردود الفعل الانفعالية التي قد تجر الوطن إلى الخراب، مع التأكيد على تمسك المملكة بالسلام القائم على الشرعية الدولية وحل الدولتين. كما ركّز الخطاب على التنمية السياسية والاقتصادية كسبيل أساسي لتقدم الإنسان والوطن، مشيرًا إلى أهمية دور المجالس التشريعية، من نواب وأعيان، في أداء مهامها التشريعية والرقابية بفعالية.
أما على الصعيد الخارجي، فقد أكد الخطاب على موقف الأردن الثابت من القدس، باعتبارها أولوية لا تقبل المساومة، ومن الأراضي المحتلة التي لا يمكن التفريط بها تحت أي ظرف. وأبرز الخطاب أيضًا دور الأردن في دعم الأشقاء ضمن حدوده وإمكاناته، برًا وجوًا.
واختتم خطاب العرش بإشارة واضحة إلى جاهزية القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، عبر التحية التي وجهها جلالة الملك، والوقوف للعلم، في تأكيد رمزي على الجهوزية للدفاع عن الوطن والاستعداد للعطاء المستمر.