وحسمها الملك عبدالله الثاني، خلال لقائه بقصر الحسينية، أمس، المكتب الدائم لمجلس الأعيان، وأن الأردن ماضٍ بخطى ثابتة نحو تنفيذ مسارات التحديث والإصلاح رغم ما يعصف بالمنطقة من تحديات.
نعم، وسط تحديات إقليمية ودولية أكثر من معقدة، الأردن يواصل مسيرته نحو الإصلاح الشامل، مستندًا إلى إرادة سياسية راسخة، وإيمان عميق بقدرة الأردنيين على تجاوز المحن وتحقيق الإنجازات؛ وصولاً إلى الأردن المنشود.
الأردن ماضٍ بثبات في مسارات الإصلاح، هذا ما انطوى عليه الحديث الملكي، وهو بهذا يضع مدماكاً فوق آخر، لدولة حديثة، راسخة، تدرك جيداً ماذا يجري حولها، وماذا عليها أن تفعل، في إقليم ينام ويصحو على صوت النار، من دون أن ينسيها مواصلة الانفتاح على التحديث والتطوير.
للحقيقة وللتاريخ، الحروب الدائرة في المنطقة، والظروف الاقتصادية والسياسية المعقدة لم تثنِ الأردن عن تبني نهج يوازن به بين الحفاظ على الأمن والاستقرار الداخلي وتعزيز مسارات الإصلاح على الصعد السياسية والإدارية والاقتصادية.
في لقاء ضيق، أسر وزير في الحكومة أن التطوير والتحديث الإداري رئة الإصلاح وبوصلته، وأن عربة الحكومة الإصلاحية وضعت عجلاتها على سكة الإدارة المحلية والإعلام، ولن تحيد عن دربها، في استجابة لرؤية ملكية ترى الدواء الحقيقي في «كبسولة» الإصلاح الشامل.
لنكن واقعيين.. لم تكن رحلة الأردن نحو الإصلاح سهلة، شابها الكثير من المعوقات، لكن أن تستبق الحكومة مراكز الدراسات في عمر المئة يوم، وتقول هذا منجزنا؛ الاقتصادي والسياسي والإداري، وتضع قراراتها على الطاولة، فهذا نهج جديد لم نألفه بعد.
على أية حال، لا يمكن لنا أن نرى الأردن بعيداً عن سياقه الإقليمي المضطرب، إلا بعدسات نفعية.
فالعيون ترى الأشياء بحقيقتها - والحقيقة أكثر من قاسية - وهي ترى بوضوح أن الأردن نجح في تعزيز مكانته الإقليمية والدولية كمنارة للاعتدال والحكمة، وأثبتت قدرتها على مواجهة التحديات الاقتصادية من خلال تنفيذ حزمة إصلاحات تهدف إلى تحقيق النمو المستدام.
صار معروفاً في الشارع الأردني أن فكرة الإصلاح جدلية ومعقدة، وهذا صحيح. لكن بالمقابل علينا أن ندرك أن الإصلاح مشروع، وحجر الأساس به الإصلاح السياسي والإداري، وليس مجرد شعارات تُرفع بوسط البلد أو على الدواوير هنا وهناك، وعلى ظهر «البك أب الأزرق»، بل هو واقع يُصنع بجهود المخلصين والشرفاء من أبناء هذا الوطن؛ لتحقيق أهداف التنمية الشاملة.
في الشق السياسي، جرى تحديث المنظومة السياسية، بما في ذلك القوانين الناظمة للعمل الحزبي والانتخابي، وما إقرار قانون الانتخاب الذي جرت وفقه الانتخابات الاخيرة، إلا دليل على تعزيز التمثيل السياسي، وزيادة تمثيل الشباب والمرأة في مراكز صنع القرار، لكن المخرجات لم تأتِ كما أريد لها.
بقي أن نقول إن الإصلاح الإداري يستند إلى ثنائية الكفاءة والمساءلة، وهي الدرب الأسهل لتحديث القطاع العام، وبما يضمن رفع مستوى الخدمات المقدمة للأردني، وتحسين سلة الأداء الحكومي، الذي صار عنواناً للتندر، أما اليوم، فالقصة مختلفة، وعبّر عنها رئيس الحكومة، الدكتور جعفر حسان، مبكرا، وأن من لا يريد خدمة الناس ويسعى لها لا مكان له بيننا. وهذا المطلوب.