لم يكد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب يتسلم مقاليد الحكم في البيت الأبيض بتاريخ 20/1 حتى أخذت قراراته تتوالى بوتيرة غير معهودة، أشبه بسيل جارف. وكأن هذه القرارات كانت مختبئة في أكياس ضخمة أطلقها فجأة، دون تأنٍّ أو دراسة معمقة. لطالما كانت الولايات المتحدة مركزًا لصناعة القرار العالمي، والدولة التي يتوقع منها الجميع أن تمثل التوازن والعقلانية في السياسات الدولية. لكن مع ترامب، بدا الأمر مختلفًا تمامًا.
أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو قراره بالانسحاب من دعم منظمة الصحة العالمية. ورغم أن هذا القرار أثار الكثير من الجدل عالميًا، إلا أنه عاد وتراجع عنه. هذا التسرع في اتخاذ القرارات، والذي قد يصل في بعض الأحيان إلى حد الارتجال، يعكس أزمة حقيقية في مفهوم القيادة واتخاذ القرار.
عندما نتحدث عن الولايات المتحدة، نحن لا نتحدث عن دولة عادية. إنها القوة العظمى التي تحمل على عاتقها مسؤوليات كبرى تجاه العالم بأسره. لكن هذه المسؤولية لا تتماشى مع قرارات تخضع للأهواء أو الرغبات الشخصية، بل تحتاج إلى دراسة مستفيضة وحساب للعواقب السياسية والاقتصادية والإنسانية.
لطالما كانت أمريكا تدّعي أنها راعية الديمقراطية وحامية حقوق الإنسان في العالم، لكن ما فعله ترامب من قرارات وتصريحات صادمة يشكك في هذا الدور. يبدو وكأن ترامب حاول إعادة صياغة مفهوم "أمريكا أولاً” بشكل لا يعترف بالآخرين أو بقيمة الأوطان.
رسالة إلى ترامب: الأوطان ليست للبيع
إن الأوطان ليست أوراقًا مالية أو سندات يمكن بيعها أو المساومة عليها. الأوطان هي إرث، تاريخ، وذكريات لشعوب عانت وضحت من أجلها. قرار أو توقيع على ورقة لا يمكن أن يمحو أحقية الناس في أوطانهم. إن كنت تمتلك الشفقة على الآخرين، فبلادك أولى بعطفك. ملايين الأمريكيين يحتاجون إلى سياسات ترفع من جودة حياتهم وتحمي مستقبلهم.
الشعوب ليست حجارة شطرنج تُحركونها كما تريدون لتُقتل أو تُنهك. الشعوب كأشجار الزيتون والأرز والياسمين والنخيل والأهرامات. هكذا هي الشعوب العربية.