في ليلةٍ هادئة، وحيدة بين جدران الغرفة ، وقفت عند نافذتها في مكان عملي في الطفيلة ، أتأمّلُ السماء، أبحثُ عن معنى يليقُ بالحياة، فوجدتُ أن الحبَّ وحدهُ هو المعنى، هو الضوءُ الذي يُبدِّدُ عتمة القلوب، وهو الروحُ التي تُنعشُ الإنسان في عالمٍ يضجُّ بالضغينة والماديات.
الحبُّ ليس مجرد عاطفةٍ تحكمُ العلاقات بين العشّاق، بل هو فلسفةٌ تُغيِّرُ الوجود، تُزيلُ الشوائب من النفوس، تهزمُ الكراهية، وتُسقطُ القيم الفاسدة كما يسقطُ المطرُ أوراقَ الخريفِ اليابسة. من أحبَّ اللهَ بصدقٍ، شعرَ بحضورهِ في كلِّ تفاصيلِ الحياة، خافهُ حبًّا وليس رهبةً، وكانَ الحبُّ ميزانَ أفعالهِ، لا الطمع ولا الخوفُ.
ما أجملَ أن نمنحَ قلوبنا للحبِّ بشموليّته، لا بخصوصيّته الضيّقة! أن نحبَّ الخير، أن نحبَّ الإنسانية، أن نحبَّ العطاء دون مقابل، أن نحبَّ الحياة ونلوّنها ببياضِ أرواحنا. فالعطاءُ محبة، التسامحُ محبة، الوفاءُ محبة، واللهُ محبة، فمن عرفَ الحبَّ عرفَ الله، ومن سكنَ الحبُّ قلبهُ لم يعرفْ طريقًا للظلمِ أو الجفاء.