حين يُذكر الكرم والشجاعة، يتبادر إلى الأذهان اسم سعادة الشيخ نايف حديثة الخريشا، الرجل الذي جسّد معاني النبل والفروسية، وخلّد اسمه في صفحات التاريخ الأردني والعربي بحكمته وحنكته السياسية، وقيمه الراسخة في الإصلاح والعطاء.
لقد كان الشيخ نايف شخصية استثنائية متعددة الأبعاد، جمع بين الحزم واللين، وبين القوة في المواقف السياسية والحنكة في إدارة الأزمات، وبين الكرم الذي لم يكن له حدود. لم يكن زعيماً تقليدياً، بل كان رجل دولة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، يتمتع برؤية ثاقبة، وقدرة فائقة على بناء العلاقات وصياغة الحلول لكل ما كان يمر به الوطن من تحديات.
قائدٌ في السياسة والإصلاح
شغل سعادة الشيخ نايف حديثة الخريشا منصب عين في مجلس الأعيان الأردني، وكان له دور بارز في صياغة السياسات العامة، حيث عُرف بمواقفه الحكيمة التي كانت تصب دائماً في مصلحة الوطن والمواطن. لم يكن مجرد سياسي عادي، بل كان رجل دولة يؤمن بالحوار والتفاهم، ويمد يده لكل من يسعى إلى خدمة الأردن واستقراره.
عرفه الأردنيون بصوته الحكيم ويده الممدودة بالصلح والإصلاح، حيث كان من أبرز رجال إصلاح ذات البين، فقاد العديد من الجهود لحل النزاعات والخلافات العشائرية، فكان صوته مسموعًا وكلمته نافذة بين القبائل والعشائر. كان رمزًا للعقلانية والرزانة، لا يميل إلى التصعيد، بل كان دائمًا يبحث عن الطرق التي تجمع ولا تفرق، تصلح ولا تفسد.
علاقات وثيقة مع القادة العرب
لم يكن تأثير الشيخ نايف حديثة الخريشا محصورًا داخل حدود الأردن، بل امتد إلى الساحة العربية، حيث جمعته علاقات وطيدة مع عدد من القادة العرب، أبرزهم الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، والرئيس المصري حسني مبارك، والعائلة المالكة في المملكة العربية السعودية. هذه العلاقات لم تكن مجرد لقاءات بروتوكولية، بل كانت مبنية على احترام متبادل وثقة راسخة، مما جعله شخصية عربية تحظى بتقدير كبير في الأوساط الدبلوماسية والسياسية.
كما كان أحد الرجال المقربين من المغفور له بإذن الله جلالة الملك الحسين بن طلال، حيث تشارك معه رؤى الحكمة والريادة، وكان سندًا وفياً للأردن قيادةً وشعبًا، يقدم المشورة النابعة من خبرته الطويلة في السياسة والعلاقات العشائرية.
كرمٌ أصيل ومواقف لا تُنسى
من أبرز الصفات التي ميّزت الشيخ نايف حديثة الخريشا كان كرمه اللامحدود، فقد كان بيته مفتوحًا لكل من يحتاج العون، لا يرد سائلاً، ولا يغلق بابه أمام صاحب حاجة. كان يؤمن بأن الكرم ليس فقط في المال، بل في العطاء والبذل والمواقف، ولهذا كان دائمًا حاضرًا في كل موقف يتطلب دعمًا أو مساندة.
لم يكن فقط كريماً في ماله، بل كان كريمًا في عفوه وسعة صدره وحكمته، فكان الرجل الذي يستوعب الجميع، ويتعامل مع أصعب المواقف بروح الأب والقائد، حتى صار مرجعًا للعشائر في حل الخلافات، وحصنًا منيعًا في وجه الفتن والصراعات.
إرثٌ خالد ومسيرة مستمرة
رحل سعادة الشيخ نايف حديثة الخريشا عن دنيانا، لكن إرثه العظيم ما زال حاضرًا في وجدان الأردنيين، إذ ترك وراءه مدرسةً في القيادة والكرم والإصلاح. واليوم، يحمل أبناؤه الراية، وعلى رأسهم سعادة الشيخ الشايش نايف الخريشا، الذي أكمل مسيرة والده بحكمة وثبات، محافظًا على القيم التي غرسها الشيخ نايف في أبنائه، مستمرًا في خدمة أبناء عشيرته ووطنه بكل إخلاص.
سيبقى الشيخ نايف حديثة الخريشا رمزًا للقيادة الراسخة، والكرم الأصيل، والحنكة السياسية، وسيظل اسمه محفورًا في ذاكرة كل من عرفه أو سمع عنه. فهو لم يكن مجرد رجل سياسي أو زعيم عشائري، بل كان نموذجًا استثنائيًا للإنسان الذي يُسخّر حياته لخدمة الآخرين، ويبقى أثره خالدًا رغم مرور الزمن.
نيروز الإخبارية تستذكر سيرة الفارس الراحل
في هذا اليوم، نيروز الإخبارية تستذكر سيرة هذا القائد الكبير، والشيخ الجليل، والفارس النبيل، وتسرد صفحات من حياته التي كانت مليئة بالمواقف المشرفة، والعطاء اللامحدود، ليبقى اسمه خالدًا في وجدان الأردن والعالم العربي.