القطرانة مورد طبيعي فريد، يتميز بخصائص استثنائية جعلته جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الصناعة والبناء، ومكونًا رئيسيًا في مسيرة التطور العمراني الحديث. فهي مادة داكنة شديدة اللزوجة، تتحمل العوامل الجوية، وتُستخدم في العزل وحماية الأساسات ورصف الطرق، ما منحها دورًا محوريًا في مشاريع البنية التحتية التي تقوم عليها نهضة الدول وتوسعها الحضري. ولا يقتصر استخدامها على الطرق والبناء، بل تمتد تطبيقاتها إلى صناعات متعددة تشمل الدهانات، والمواد اللاصقة، والعوازل، والمنتجات الهندسية، لتصبح جزءًا من منظومة إنتاجية واسعة تدعم الاقتصاد الوطني وتخدم المجتمع.
ولا تتوقف أهمية القطرانة عند بعدها الصناعي فقط، بل تمتد لتشمل البعد المكاني والتنموي. فوجود هذا المورد في منطقة معينة يخلق قوة جذب للمشاريع الصناعية، ويقلل من تكاليف النقل والتشغيل، ويرفع نسب التشغيل المحلي، مما يعزز الحركة الاقتصادية في تلك المناطق. ومع تطوير البنية التحتية والخدمات المحيطة، تتحول هذه المناطق إلى بيئات جاذبة للاستثمارات الصناعية والسياحية والتعليمية، لتصبح مراكز نمو تخدم محيطها وتدفع عجلة الاقتصاد الوطني.
ويأتي هذا التوجه متماشيًا مع اهتمام جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم وسمو ولي عهده الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، الذين يركزان على ضرورة استثمار موارد الوطن وتحويلها إلى فرص تنموية ملموسة. فجلالته يشدد على أن التنمية الحقيقية تبدأ من المحافظات، وأن استثمار الميزات الطبيعية لكل منطقة هو مدخل أساسي لبناء اقتصاد قوي ومستدام يرفع جودة الخدمات ويوفر فرص العمل. وفي ذات الوقت، يدعو سمو ولي العهد إلى الابتكار وتوظيف الطاقات الوطنية، واستثمار الموارد الطبيعية بأساليب عصرية توفر حلولًا اقتصادية فعّالة، وتعزز قدرة المناطق على استيعاب الشباب واحتضان المشاريع الريادية. ويبرز ملف القطرانة كمثال واضح على مورد يمكن البناء عليه ضمن هذه الرؤية الملكية، من خلال تطوير الصناعات المرتبطة به واستثمار موقعه الجغرافي، وفتح الأبواب أمام السياحة الاستثمارية والتعليمية لتصبح جزءًا فاعلًا من منظومة التنمية المستدامة.
ومع تكامل أهمية القطرانة كمورد طبيعي مع الرؤية الملكية الداعمة للتنمية الشاملة، تتسع آفاق المشاريع النوعية القادرة على تحقيق أثر اقتصادي واجتماعي ملموس. وهكذا تتحول القطرانة من مجرد مادة صناعية إلى رافعة للتنمية، وقصة نجاح وطنية تعكس قدرة الأردن على تحويل إمكاناته الطبيعية إلى فرص متجددة، مؤكدة أن العمل المخلص يصنع فرقًا ويخدم الوطن والمواطن.
حمى الله الأردن وقيادته الهاشمية، وجيشه العربي المصطفوي، وأجهزته الأمنية، سياج الوطن ودرعه المنيع، ومحط ثقة قائده.