في الفترة الأخيرة بدأ المجتمع يلاحظ تكرار حالات غير مألوفة: زواج ينتهي في ليلة العرس نفسها، أو خلال الساعات الأولى فقط بعد انتهاء الحفل. هذا النوع من الطلاق لا يشبه أي نوع آخر، ولا يتعلق بالمطلقين القدامى أو من مرّ بتجارب طويلة. نحن نتحدث عن ظاهرة مختلفة تمامًا—انهيار علاقة قبل أن تبدأ.
وترى الشطرات
من منظور نفسي، ليلة العرس ليست مجرد احتفال، بل لحظة تُسقِط الأقنعة. فالتوتر، الضغط، التوقعات العالية، التدخلات العائلية، والارتباك… كلها عوامل تجعل أي خلاف صغير يتحوّل إلى شرارة تكشف ما لم يُكشف سابقًا.
لهذا، فإن حدوث خلاف كبير في تلك الليلة لا يحدث من فراغ. بل هو مؤشر على:
• غياب التفاهم الحقيقي قبل الزواج،
• أو وجود توقعات غير واقعية عن الشريك،
• أو تدخلات خارجية تؤثر في شعور أحد الطرفين بالأمان،
• أو اكتشاف سلوكيات لم تظهر طوال فترة الخطوبة.
ما يجعل الظاهرة أكثر انتشارًا هو أن المجتمع أصبح يتحدث عنها كثيرًا. ومع زيادة القصص، يصبح الموضوع "متقبّلًا نفسيًا” أكثر. ليس لأن الناس تقلّد، ولكن لأن العقل البشري عندما يسمع سلوكًا يتكرر، يبدأ يراه خيارًا موجودًا، حتى لو كان قاسيًا. وهنا ندخل في مفهوم التطبيع الاجتماعي للسلوك.
وترى الشطرات
لكن أخطر ما في الطلاق ليلة العرس أنه قرار يصدر تحت ضغط كبير، وفي لحظة غير مناسبة لاتخاذ حكم نهائي على العلاقة. فالإنسان في تلك الليلة لا يكون في أفضل حالاته النفسية، ومع ذلك يجد نفسه أمام قرار مصيري يحتاج عقلًا هادئًا، وليس انفعال اللحظة.
وهنا تأتي أهمية الوعي النفسي:
العلاقة الزوجية لا تبدأ من "العرس”، بل تبدأ قبل ذلك بكثير. في طريقة الحوار، طريقة حل الخلاف، طريقة التعبير عن النفس، والقدرة على النقاش دون شعور بالتهديد.
وعندما تكون هذه الأساسات ضعيفة، فإن ليلة العرس تصبح مجرد نقطة تكشف الحقيقة، لا تصنعها.
وترى الشطرات
هذه الظاهرة لا تعني أن الزواج فاشل، ولا تعني أن كل خلاف في بدايته يُحتمل. لكنها تذكّر المجتمع بأن الاستعداد النفسي، والوضوح، والحوار الصريح قبل الزواج أهم بمئة مرة من الحفل واللبس والتفاصيل. وأن القرارات المصيرية لا تُتخذ تحت ضغط العيون، ولا تحت تأثير الصدمة، ولا في لحظة ارتباك.
الطلاق ليلة العرس ليس "موضة” ولا "ترند”، لكنه رسالة بأن العلاقات التي لا تُبنى على وعي، مهما بدت جميلة في الخارج، قد تكون هشة من الداخل