وهل نحن بحاجة لخارطة طريق وطنية للخروج من مأزقنا الراهن والى أين نسير . الحكومات المتعاقبة تكرر كل يوم نحن في عنق الزجاجة ونحن على مشارف الخروج من عنق الزجاجة ونحن خرجنا من عنق الزجاجة والاقتصاد في الإنعاش وخرج من الإنعاش ونحن في حال لا نحسد عليها وقد تخلى الصديق والرفيق وضاق الطريق .
وارتفع الصوت إلى سقوف غير مقبولة بل وغريبة عن مجتمعنا وأصبحت منصات التواصل الاجتماعي تغص بما يحمله الشعب من ضيق بسبب الأوضاع الاقتصادية ومن ضيق بسبب تدوير المناصب والكراسي ومن ضيق بسبب ارتفاع كلف الخدمة والخدمات وتواضع بعضها .
فطريق الصحراوي مثلا والموت بالمجان وأزمة المعلم مع الحكومة والاتهام هنا وهناك سواء أكان لإكاديمة تدريب المعلم أم لغيرها جمر تحت رماد يسري بهدوء يذهب بعيدا نحو أعمدة التثبيت والتمكين والكل ينتظر وننقسم مؤيد ومعارض , موالي ومولى , ومعارض وعارض .
ويزيد السوء عندما تتسرب وثائق من هنا وهناك بأيد خبيثة وأخرى شريفة تتحدث عن المؤسسات المستقلة والرواتب وحجم الأعطيات وحتى الحفلات الخاصة وتكلفة أماكن قضاء الحاجة والتي تستخدم لساعات وكوبونات البنزين التي تعطى للبعض وكما أسلفت خلفها أنات وأنات تلتصق بنا وتجذبنا نحو الممات لان الكثير منا يعيش على الفتات وبعض منا لا يجد ما به يقتات .
ومنذ سنين و نحن نتضور جوعا ونتقلب على رمضاء السكوت بحثا عن خطاب أمل وخطاب ثقة وخطاب سياسي ترعاه الدولة يحمل أجندات وطنية بين ثناياه فموروثنا الحضاري مازال يغرس فينا مثلا يقول "قدم عذرك ولا تقدم بخلك" .
يطل علينا بين الحين والآخر مسؤول لا مسئول بتصريح - تأدبا أقول - متواضع يتحدث عن أمر وطني ويعود آخر ويتحدث عن ذات الامر وكأننا دولة بألف رأس , رأس يقول نحن بخير وآخر يقول انتظروا الويلات والثبور . ويعود موروثنا الثقافي يمثل نحفظه عن ظهر قلب يقال للمرأة التي تخرج على رأسها او للطفل الذي يؤذي الجيران "لا قاهر ولا ناهر " .
ينادي البعض بالخروج على الحاكم لاعتقاده أن ثمن الخروج بهذه السهولة ولاعتقاده ان الأوطان تدار بهذه السذاجة وهذه الضحالة وان كل ما يعلم يقال وكأننا في خيمة سمر ليلية وحفلة ردح بربرية وبعضهم يعطي الدولة مهلة ولا يجد من يقول له على مهلك أنت ورحم الله من قال : "خذ على راسها" فهذا الوطن للجميع ولا يجرفنا صوت الهدير والكلام المعسول ولا تجاوز الخطوط .
نحن في وطن ..
ولسنا في سوق عكاظ ولا في مجلس سمر يعتقد البعض فيه ان شق الثوب و " بحلقة " العين يظهر الرجال وان كلمات المديح تبني وطن . فللوطن خطط يسير عليها والخوف عليه مشروع والخطر في اللجوء للهدم ؛ هدم الاحترام والقيم وهدم الروح المعنوية وهدم الاندفاعية نحو بناء الوطن وصون كرامته بعيدا عن الكلمات البراقة .
نحن في أزمة ...
نحب المنصب جدا فكلمة بيك ومعاليك ودولتك وباشا وعطوفتك وسعادتك وشيخ تجذب فينا موروث حب العرب للسلطة وحب العرب لصدر المجلس لذا سخط كثير منا على الدولة وأصبح إطلاق العيارات اللفظية والاتهامية في كل الاتجاهات وتناقلنا الاتهام وأصبح من المسلمات لذا يطل علينا بين الحين والآخر ناصح يَطرب لقول منور والله حيه وابشر بعزك ووالله انك رجل ومن ظهر حصان ... وهذه السيمفونية واضحة فقد كان معرفة لي ودون ذكر أسماء مع قدرتي على ذلك لا يهمس إلا عند الاتصال بجهاز أمني حساس ولا يتحرك إلا وفق مشورته ورأيه وحاول تقديم سيرته الذاتية في كل مكان ليحصل على منصب هام وكان يمجد رصيف الطريق ويمجد شكل الطابع ويتغزل بعمان وبعد ان طارت الكراسي بدأ يهاجم بشراسة وكان الطفل الصغير عندما يخرج عن جادة الصواب كانت تنهال النصائح والكل يقول "افرك بإذنه حجر" بالمختصر ألم دون إيذاء . فلا تصنع أعمدة السوس ولا طائرات الورق وبعدها تعيد إنتاجها من جديد .
فهل نحن بحاجة لخارطة طريق ؟؟
وماهي مقدماتها وكيف تكون ومن يطلقها ومتى وكم تحتاج وكيف تقيم ... الخ . ولنبدأ بالمقدمات فلا مجال لإقصاء العقول النظيفة والأيدي الطاهرة العفيفة والصوت المعارض ولا بد من إطلاق الحريات وإخراج معتقلي الرأي ومن ثم الجلوس لصياغة خارطة طريق تعترف بالمشكل وتعترف بحق التعبير دون تهويش او تخوين وبهدوء ضمن البيت الواحد وتحت خيمة الوطن فلا مكان أجمل من ان نتحاور تحت خيمة الوطن نعبر باحترام وننصح بصدق ونستمع للمختص في مجاله وليحمل كل منا جزء من المهمة فالطريق صعب وبالإرادة نصنع المستحيل فقد كثرت الاقاويل ومع الوقت تصبح مسلمات يرددها الطفل الصغير عندما ينطق بها الكبير . وخارطة الطريق لا يرسمها جغرافي في مرسمه لانها ستكون جرداء رمادية اللون يغيب عنها الاحمر والاخضر والابيض والاسود والنجمة السباعية .
فعندما يكون للوطن خارطة طريق حتما سنواجه صفقة القرن وسياسة الاملاءات وسننهض لسداد المديونية وسنخرج صدقا من عنق الزجاجة لاننا الان في وقت الحاجة فقد أصبح أغلبية الشعب تحت خط الفقر وزاد الغنى الفاحش للفاحش وتبددت كثير من الموارد وأصبح الجشع على آبار الوطن وارد وارتفعت المديونية والدين هم بالليل وذل بالنهار للافراد فكيف بالجماعات وكيف بالاوطان تنهض وسياساتها رهينة الجوع والخوف من تجفيف المورد .
يحق لنا ان نعتب ..
تعلمنا ان العتب على قدر المحبة وان المحب على المحب يعتب ومن حقنا ان نغضب طالما اننا في بيت واحد ومن حقنا ان يكون لنا خطاب سياسي جديد في لجلجة الزمان فلماذا ننتظر ولمن ننتظر وعهدنا لم يتغير ووعدنا مازال شريف عفيف .فلنحتمل عتب البعض فهو مرآة للجميع . وعندما نختار طريق الحرد والعتب تأكدوا أنها طريق محبة وطريق شعور بالمسؤولية فمن يقول لكم الوضع على ما يرام تأكدوا انه مع الناس النيام .
اعلام الدولة ...
في سبات عميق لذا طفى على السطح بعض كلاب الطريق ينهشون سمعة الوطن ونصيحتي بوجوب انفتاح إعلام الدولة على كل تيارات المجتمع وتأكيد حق التعددية والتنوع واحترام ثقافة الاختلاف .
تحقيق شامل ...
في كل ما أثير من ملفات فساد وإثراء بلا سبب وفي كل واقعة فساد ومحاكمة المسؤولين عنه ومن تورط وتعزيز دور اجهزة الرقابة وتقوية ذراع هيئة النزاهة ومكافحة الفساد فعندما يتعلق الامر بالوطن لا أحد منا محصن ومن يقول بوجوب الحياد نقول له الحياد ضعف والحياد في أمر ليس لك ولا منك ولا عليك .