أقامت جامعة الشرق الأوسط أوّل أمس حفلًا مهيبًا مشرّفًا لتخريج طلبة الفوج الثالث عشر لطلبة الماجستير والعاشر لطلبة البكالوريوس للفصلين الدراسيين الثاني والصيفي (فوج عمان). ومن يتابع الحفل الذي بُثّ في حينه حيًّا على موقع الجامعة وعلى اليوتيوب، يستشعر عظمة هذه الجامعة، وإشراقة صورتها ورفعة سمعتها الأكاديميّة محلّيًّا وعالميًّا، ويلمس كذلك درجة التطور والتقدم التي بلَغَتْها.
لقد أنْعم الله عليّ فكنت عريفة حفلات التخريج في الجامعة لفصول متتالية، وكنت في كلّ مرة أحضّر فيها كلماتي للحفل أحار في وصف الجامعة التي تكْبُر مع الأيام فنكْبُر فيها، ومعها؛ لأنّها في كل يوم تفاجئنا بالجديد الفريد، وفي كل حفل تؤكد أنّها سائرة بفضل الله في تحقيق ما أريد لها، لتكون نوعيّة، عصريّة، ديناميّة، في فكرها وتوجّهاتها وممارساتها الفُضلى.
في حفلنا الأخير استمع الطلبة الخريجون في كلمة رئيس مجلس أمناء الجامعة سعادة الدكتور يعقوب ناصر الدين راعي الحفل إلى رؤى ثاقبة مستنيرة حملتها نصيحته الأبويّة لهم: "أبنائي وبناتي خريجي هذا الفوج... إنكم مؤهلون للحصول على فرص العمل التي تستحقونها، ولكن اذهبوا إليها ولا تنتظروها. أقدموا عليها وأنتم واثقون من أنفسكم، ومن العلم والمعرفة التي حصلتم عليها، وبالإرادة والعزيمة والتصميم الكامن في كل واحد منكم، وإنّني على يقين أن المستقبل كله لكم، أنتم تصنعونه، وأنتم تحدّدون مساره في الاتجاه الذي يليق بكم وبدولكم وأمتكم".
وفي الحفل نفسه عُرض فيلم جميل أثار انتباه الجميع حمل عنوان (إعداد القادة)، لمس الضيوف والحضور من خلاله مشاعر الفخر التي يعيشها ثمانية وثلاثون خريجًا من خرّيجي الجامعة عبر السنين يعملون حاليًّا فيها، ويشغلون وظائف مهمّة ومتنوّعة؛ لأنّها تؤمن بجودة مخرجاتها، وتفخر بها، وتعمل على تحفيزها، واستثمار طاقاتها، إيمانًا منها بما دعا إليه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله في الورقة الملكيّة النقاشية السابعة قائلا: "على المؤسّسات التعليميّة أن تؤمن بما يتمتع به أبناء هذا الشعب وبناته من طاقات هائلة، وقدرات كبيرة، ومواهب متنوعة، وتسعى لاكتشاف هذه الطاقات، وتنمية تلك القدرات، وصقل تلك المواهب، وتحفيزها إلى أقصى حدودها...".
وخلال الحفل استمع جمهور الحاضرين لأخبار شراكة الجامعة الأكاديميّة مع جامعة ستراثكلايد البريطانيّة، الأولى على مستوى بريطانيا في تخصص الصّيدلة؛ بإطلاقها برنامج بكالوريوس الصّيدلة البريطاني المشترك MPharm الأوّل من نوعه في المنطقة، ليضاف هذا الإنجاز إلى إنجازها السابق المتمثل في استضافتها من جامعة بيدفوردشير البريطانية برامج معتمدة لمنح الدرجات العلميّة المختلفة في تخصصات عديدة تدرّس في رحابها، وذلك في طريق تجسيدها عالميّة التعليم، وتحقيقًا للإفادة من التجارب العالميّة الناجحة.
وتكرّرت في هذا الحفل صورة جميلة بهيّة لتلك السُّنّة الحسنة التي استنّها سعادة الدكتور يعقوب ناصر الدين في حفلات تخريج الجامعة، بتخصيص موكب للأوائل يسيرون فيه بمعيّته، على أنغام موسيقات الأمن العام، راعيًا للعلم، مقدّمًا أهله وخاصّته؛ لأنّه طالما آمن بأنّ التفوق عقيدة، وارتضى التميّز مطلبًا، وأقنعنا بحكمته وبحنكته أنّ الاجتهاد درب تحلو معه التضحيات، وتتضاءل في سبيل نتائجه المشرّفة الصعاب.
وقد ارتسمت في مشهد حفل التخريج الأخير صورة رائعة مشرقة تُضاف إلى سابقاتها في حفلات تخريج جامعة الشرق الأوسط، تمثّلت في حسن الإدارة والقيادة، ودقة التّنظيم وفنيّة الإخراج، سادتها روح التعاون المثمر، وأحاطتها هالة محبّة ومودّة للجامعة، بدأت مع التحضيرات للحفل منذ شهور، ولمّا تنتهِ بعد؛ لأنّ القيادة الناجحة في جامعتي تقوم على ركائز تتمثّل في إعلانها رؤيتها بوضوح: جامعة جادة وملتزمة وساعية للتعلم، وفهمها رسالتها بدقة: تهيئة بيئة محفزة على التعلّم والبحث العلمي وخدمة المجتمع، ثمّ تنفيذها الخطط، وتجسيدها القيم، وتهيئتها البيئة المثاليّة لتحقيق الأهداف، وصولًا إلى تعظيم الإنجازات، وبيْن هذا وذاك اعتماد على التغذية الراجعة وصولا إلى التطوير المنشود، والتحسين المرجوّ من النّواحي كافة الأكاديميّة والإداريّة، لتظلّ جامعة الشرق الأوسط في الطّليعة، تعلو فنعلو، وتكبُر فنكبُر.