تكاد الحالة الشعبية الأردنية أن تكون غير مسبوقة بدرجة الوعي بالمخاطر والتحديات التي يتعرض لها المجتمع الأردني حاضرا ومستقبلا ووجودا حياتيا ومعاشيا وثقافيا ، والحالة الشعبية العفوية والمقصوده متقدمة على مواقف مجلس النواب في غالبه المنشغل بمصالحه وسفراته واستعداده للإنتخابات القادمة، وغالب مصالحه مرتبطة بالسلطة التنفيذية وليس مع قواعده الانتخابية التي يعود إليها عند الانتخابات .
ولم يعد مجلس النواب معبراً عن هموم وتطلعات المواطنين ما عدا حالات فردية من النواب لا تشكل اغلبية قادرة على تغيير الواقع البرلماني الهش اجتماعيا وتشريعيا ورقابيا بحكم حسابات المصالح وحالة المماهاة التامة مع الحكومات المتعاقبة عبر تمريره لكل الموازنات بعجزها ،وعبر تشريعه لكل القوانين القاسية بحق المجتمع الأردني ، وغياب الرقابة الفاعلة عن إدارة الشأن العام ومحاربة الفساد وملفاته المتشابكة .
وفي ظل هذه الحالة ينشط بعض النواب بتغريدات ومحاولات تغازل نفسها والرأي المجتمعي العام بعد سحب البساط من تحت قدمهم بعد التعاطف الاجتماعي العارم مع المعلمين وقدرتهم على إدارة أزمة مطالبهم مع الحكومة ، والموقف الضعيف من مجلس النواب مع الأزمة وكأنها مشكلة عائلية عند الجيران .
وفي كل برلمانات الدنيا يكون ممثلي الشعب هم النخبة المختارة التي يتم اختيارها لتمثيله بصورة صادقة تعبر عن همومه وتطلعاته وقضاياه ، وتقدم مصالح الشعب على المصالح الخاصة إلا في الحالة الأردنية فإن المصالح الشخصية مقدمة على المصالح العامة ، ويعود السبب في ذلك كله إلى الثقافة الانتخابية السائدة التي تنطلق من منطلقات ضيقة ، وإلى سوء الإختيار للنواب ،وغياب الرؤية الحقيقية لدى الناخب والمرشح للإنتخابات ،وعجز قوانين الانتخاب عن فرز نواب معبرين بصورة فاعلة ، والصورة الشكلية النمطية لمجالس النواب لم تعد اليوم مقنعة للرأي العام الأردني .
وهذه الحالة سوف تؤدي إلى عزوف الناس عن الانتخاب بسبب اليأس والإحباط من أدوار مجالس النواب المتعاقبة والتي يتم التعبير عنها عبر مواقع التواصل الاجتماعي بصور تدل على أن الحالة الشعبية متقدمة على حالة مجالس النواب ، وأن النواب بين حالات السبات العميق ومحاولات الاستيقاظ البطيء بعد أن طارت الطيور بأرزاقها ، والله المستعان .